للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، فَكَيْفَ كَانَ هَذَا العَرَقُ قَبْلَهُ، حَتَّى خَلَقَ مِنْهُ نَفسَه؟ وَهَذَا

الحَدِيثُ لَا يُحْتَاجُ إِلَى تَفْسِيرِهِ؛ فَإِنَّ الشَّاهِدَ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَاطِلٌ.

ثُمَّ لَمْ تَرْض بِمَا قُلْتَ وَرَوَيْتَ مِمَّا تُشَنِّعُهُ، حَتَّى ادَّعَيْتَ لَهُ تَفْسِيرًا عَنْ إِمَامِكَ الثَّلْجِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يَحْتَمِلُ تَأْوِيلُ هَذَا الحَدِيثَ أنْ يَكُونَ الكُفَّارُ سَأَلُوا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ آلِهَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ الله - عز وجل - وَذَلِكَ أَنَّ كُبَرَاءَهُمْ وَأَحْبَارَهُمْ كَانُوا عِنْدَهُمْ كَالأَرْبَابِ، قال الله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: ٣١].

فَيُقَالُ لِهَذَا الثَّلْجِيِّ الجَاهِلِ: وَيْلَكَ! يَخْلُقُ اللهُ أُولَئِكَ الأَحْبَارَ وَالرُّهْبَانَ الَّذِينَ اتَّخَذُوهُمْ أَرْبَابًا مِنْ عَرَقِ الخَيْلِ الَّذِي أَجْرَى، وَفِي الحَدِيثِ أَنَّهُ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ لَا مِنْ أَرْضٍ ولَا مِنْ سَمَاءٍ، فَهَلْ شَكَّ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ آَدَم أَنَّ اللهَ خَلَقَ [٤٦/ظ] آدَمَ مِنَ الأَرْضِ، وَذُرِّيَّتَهُ من نَسْله؟.

أَو لم يعْلَمْ -أَيُّهَا الثَّلْجِيُّ- رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا خَلَقَ اللهُ الأَحْبَارَ وَالرُّهْبَانَ الَّذِينَ اتَّخَذُوهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ الله؟ أَو لم يَدْرِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُمْ مِنْ وَلَدِ آدَمَ، حَتَّى يَقُولَ: خَلَقَهُمُ اللهُ مِنْ عَرَقِ الخَيْلِ، وَلَمْ يَخْلُقْهُمْ مِنْ أَرْضٍ وَلَا سَمَاءٍ؟ لَقَدْ ضَلَّ هَذَا الثَّلْجِيُّ بِهَذَا التَّفْسِيرِ، وَضَلَّ بِهِ مَنِ اتَّبَعَهُ، وَلَوْ فَسَّرَ هَذَا صَبِيٌّ لَمْ يَبْلُغِ الحِنْثَ؛ مَا زَادَ عَلَى هَذَا جَهْلًا وَاسْتِحَالَةً، هُوَ كُفْرٌ أَضَافَهُ هَذَا الثَّلْجِيُّ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -.

وَيْلَكَ! نَحْنُ نَدْفَعُ الحَدِيثَ وَنَسْتَنْكِرُهُ، وَأَنْتَ تَسْتَشْنِعُهُ، ثُمَّ تُثْبِتُهُ وَتُفَسِّرُهُ وَتَلْتَمِسُ لَهُ المَخَارِجَ، كَيْ تَصُونَهُ، وَلَئِنْ كَانَ هَذَا الحَدِيثُ مُنْكَرًا، فَتَفْسِيرُكَ لَهُ أَنْكَرُ.

وَاحْتَجَّ المُعَارِضُ أَيْضًا فِي دَفْعِ آثَارِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَتَقْلِيدِ رُوَاتِهَا مِنَ العُلَمَاءِ بِحِكَايَةٍ حَكَاهَا عَنْ بِشْرِ بْنِ غِيَاثٍ المَرِيسِيِّ، كَانَ يَحْكِيهَا عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ،

<<  <   >  >>