للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

و «جَاهَدْتُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ الله» و «أَعْتَقْتُ لِوَجْهِ الله»، لَكَانَ كَافِيًا مِمَّا ذَكَرْنَا؛ إِذْ عَقِلَهُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، وَالبَرُّ وَالفَاجِرُ، وَالعَرَبِيُّ وَالعَجَمِيُّ، غَيْرَ هَذِهِ العِصَابَةِ الزَّائِغَةِ المُلْحِدَةِ فِي أَسْمَاءِ الله، المُعَطِّلَةِ لِوَجْهِ اللهِ، وَلِجَمِيعِ صِفَاتِهِ، - عز وجل - وَجْهُهُ، وتقدَّست أَسْمَاؤُهُ.

لَقَدْ سَبَبْتُمُ اللهَ بِأَقْبَحِ مَا سبَّه اليَهُودُ: {قَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة: ٦٤]، وَقُلْتُمْ أَنْتُمْ: يَدُ اللهِ مَخْلُوقَةٌ لمَّا ادَّعيتم أَنَّهَا نِعْمَتُهُ وَرِزْقُهُ؛ لِأَنَّ النِّعْمَةَ وَالأَرْزَاقَ مَخْلُوقَةٌ كُلُّهَا.

ثُمَّ زِدْتُمْ عَلَى اليَهُودِ، فَادَّعَيْتُمْ أَن وَجْهَ اللهِ مَخْلُوقٌ؛ إِذ ادَّعَيْتُمْ أَنَّهُ وَجْهُ القِبْلَةِ وَوُجُوهُ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَكَوَجْهِ الثَّوْبِ وَالحَائِطِ، وَهَذِهِ كُلُّهَا مَخْلُوقَةٌ، فَادَّعَيْتُمْ أَنَّ عِلْمَهُ وَكَلَامَهُ وَأَسْمَاءَهُ مُحْدَثَةٌ مَخْلُوقَةٌ، كَمَا هِيَ لكم، فَمَا بَقِي إِلَّا أَنْ تَقُولُوا: هُوَ بِكَمَالِهِ مَخْلُوقٌ، فَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِنَّكُمْ سَبَبْتُمُ الله بِأَقْبَحِ مَا سبَّته اليَهُودُ.

* * *

<<  <   >  >>