للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَرَوَى المُعَارِضُ عَنْ شَاذَانَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى رَبِّي فِي جَنَّةِ عَدْنٍ شَاب جَعْد فِي ثَوْبَيْنِ أَخْضَرَيْنِ» (١).


(١) أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (٩٤٧)، من طريق أسود بن عامر شاذان، به، وفيه «حلة خضراء» بدل «ثوبين» وأخرجه الخطيب (١٣/ ٥٥)، من طريق حماد، به، وفيه «حلة حمراء» بدل «ثويبن أخضرين» وأخرجه أحمد (٢٥٨٠)، وعنه ابنه عبد الله في السنة (١١١٦)، عن أسود بن عامر، به إلا أن لفظه هكذا «رأيت ربي تبارك وتعالى»، وأخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (١١٦٧)، وابن أبي عاصم في السنة (٤٣٣، ٤٤٠)، والآجري في الشريعة (١٠٣٣)، والدارقطني في الرؤية (٢٦٤، ٢٦٧)، وغيرهم من طريق حماد بن سلمة، به أيضا بلفظ «رأيت ربي تبارك وتعالى»، أو نحوه دون ذكر الصفة الواردة ها هنا.
وقد استنكرها بعض الأئمة، على رأسهم المصنف. وزعم البعض أن الإمام أحمد والإمام أبا زرعة الرازي قد صححا هذه الرواية، وليس ما يدل على تصحيحهما، وإنما الذي يظهر أنهما صححا أصل الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، وإليك هذه الحكاية التي رواها الخلال في العلل كما في المنتخب من علله للمقدسي (ص ٢٨٣): «أخبرنا المروذي، قال: قرئ على أبي عبد الله: شاذان: ثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس: إنَّ محمداً رأى ربه.
قلت: إنهم يقولون: ما رواه غير شاذان؟.فقال: بلى؛ قد كتبته، عن عفان.
وقُرئ على أبي عبد الله: عفان: ثنا عبد الصمد بن كيسان: ثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «رأيتُ ربي».

قلت: إنهم يقولون: إن قتادة لم يسمع من عكرمة. قال: هذا لا يَدْري الذي قال! وغضب، وأخرج إليَّ كتابه فيه أحاديث مما سمع قتادة من عكرمة، فإذا ستة أحاديث: «سمعت عكرمة». وقال أبو عبد الله: قد ذهب من يحسن هذا، وعجب من قومٍ يتكلمون بغير علمٍ، وعجب من قول من قال: لم يسمع، وقال: سبحان الله! فهو قدِم إلى البصرة فاجتمع عليه الخلقُ.» أ. هـ. قلت: فظاهر هنا الذي صححه الإمام أحمد.
وممن استنكر هذه الرواية الإمام الذهبي فقال في السير (١٠/ ١١٣) بعد رواية هذا الخبر: «وهو خبر منكر نسأل الله السلامة في الدين فلا هو على شرط البخاري، ولا مسلم، ورواته - وإن كانوا غير متهمين - فما هم بمعصومين من الخطأ والنسيان، فأول الخبر: قال: = ... = (رأيت ربي)، وما قيد الرؤية بالنوم، وبعض من يقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه ليلة المعراج يحتج بظاهر الحديث. والذي دل عليه الدليل عدم الرؤية مع إمكانها، فنقف عن هذه المسألة، فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، فإثبات ذلك أو نفيه صعب، والوقوف سبيل السلامة، والله أعلم. وإذا ثبت شيء قلنا به، ولا نعنف من أثبت الرؤية لنبينا - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا، ولا من نفاها، بل نقول: الله ورسوله أعلم، بلى نعنف ونبدع من أنكر الرؤية في الآخرة، إذ رؤية الله في الآخرة ثبت بنصوص متوافرة.».
قلت: رحم الله الذهبي، فلا يعدل بالسلامة شيء.

<<  <   >  >>