مِنْكَ وَتَلْبِيسٍ، وَإِنْ كُنْتَ قَدْ مَوَّهْتَ عَلَى مَنْ لَا يَعْقِلُ بَعْضَ التَّمْوِيهِ، فَسَنَرُدُّهُ مِنْ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ الله إِلَى تَنْبِيهٍ.
وَأَمَّا قَوْلُكَ: الكَلَامُ غَيْرُ المُتَكَلِّمِ، وَالقَوْلُ غَيْرُ القَائِلِ، فَإِنَّهُ لَا يَشُكُّ عَرَبِيٌّ ولا عَجَمِيٌّ أَنَّ القَوْلَ وَالكَلَامَ مِنَ المُتَكَلِّمِ وَالقَائِل يَخْرُجُ مِنْ ذَوَاتِهِم سِوَاهُ.
وَأَمَّا قَوْلُكَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ القُرْآنُ غَيْرُ اللهِ فَقَدْ أَصَابَ، فَهَذَا مِنْكَ تَأْكِيدٌ وَتَحْقِيقٌ بِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ اللهِ فِي دَعْوَاكَ وَدَعْوَانَا مَخْلُوقٌ.
ثُمَّ أَكَّدْتَ أَيْضًا فَقُلْتَ: مَنْ قَالَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَقَدْ جَهِلَ، وَقُلْتَ مَرَّةً: فَقَدْ كَفَرَ، فَأَيُّ تَوْكِيدٍ أَوْكَدُ فِي المَخْلُوقِ مِنْ هَذَا؟ ثُمَّ رَاوَغْتَ فَقُلْتَ فِي بَعْضِ كَلَامِكَ: مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ؛ تَمْوِيهًا مِنْكَ وَتَدْلِيسًا عَلَى الجُهَّالِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ مَنْ قَالَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ عِنْدَكَ جَاهِلًا كَافِرًا؛ كَانَ مَنْ قَالَ: مَخْلُوقٌ عِنْدَكَ عَالِمًا مُؤْمِنًا.
فَقَوْلُكَ مُبْتَدَعٌ لَا يَنْقَاسُ لَكَ فِي مَذْهَبِكَ، غَيْرَ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تُرْضِيَ بِهِ مَنْ حَوْلَكَ مِنَ الأَغْمَارِ.
وَأَمَّا قَوْلُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ جِسْمٍ فَهُوَ كَافِرٌ، فَلَيْسَ يُقَالُ كَذَلِكَ، وَلَا أَرَاكَ سَمِعْتَ أَحَدًا يَتَفَوَّهُ بِهِ كَمَا ادَّعَيْتَ، غَيْرَ أَنَّا لَا نَشُكُّ أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى دُونَ مَنْ سِوَاهُ.
وَذِكْرُ الجِسْمِ وَالفَمِ وَاللِّسَانِ؛ خُرَافَاتٌ وَفُضُولٌ مَرْفُوعَةٌ عَنَّا، لَمْ نُكَلَّفْهُ فِي دِينِنَا، وَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ أَنَّ الكَلَامَ يَخْرُجُ مِنَ المُتَكَلِّمِ.
وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ، فَهَذَا أَيْضًا مِنْ تِلْكَ الفُضُولِ، وَمَا رَأَيْنَا أَحَدًا يَصِفُهُ بِالأَجْزَاءِ، وَالأَعْضَاءِ -جَلَّ عَن هَذَا الوَصْف وَتَعَالَى- وَالكَلَامُ صِفَةُ المُتَكَلِّمِ لَا يُشْبِهُ الصِّفَات من الوَجْه وَاليَدِ، وَالسَّمْعِ، وَالبَصَرِ، وَلَا يُشْبِهُ الكَلَامُ من الخَالِق والمَخْلُوقِ سَائِرَ الصِّفَات.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute