أَنْشَأَ هَذَا المُعَارِضُ يَحْكِي فِي كِتَابٍ لَهُ عَنِ المَرِيسِيِّ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّلَالِ وَشَنِيعِ المَقَالِ وَالحُجَجِ المِحَالِ، مَا لَمْ يَكُنْ بِكُلِّ ذَلِكَ نَعْرِفُهُ، وَنَصِفُهُ فِيهِ بِرَثَاثَةِ مُنَاقَضَةِ الحُجَجِ، مَا لَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ أَنْ يَصِفَهُ، فَتَجَافَيْنَا عَنْ كَثِيرٍ مِنْ مُنَاقَضَةِ المُعَارِضِ، وَقَصَدْنَا قَصْدَ المَرِيسِيِّ العَاثِرِ فِي قَوْلِهِ الدَّاحِضِ، لما أَنَّهُ أَمْكَنُ فِي الحِجَاجِ مِنْ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَفْطِنْ لِغَوْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِهِ من الكَلَام المُدَلَّسِ المَنْقُوضِ، وَالكُفْرِ الوَاضِحِ المَرْفُوضِ.
وَكَيْفَ يَهْتَدِي بِشْرٌ لِلتَّوْحِيدِ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ مَكَانَ وَاجِدِهِ، وَلَا هُوَ بِزَعْمِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بِوَاجِدِهِ، فَهُوَ إِلَى التَّعْطِيلِ أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى التَّوْحِيدِ، وَوَاجِدُهُ بِالمَعْدُومِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالمَوْجُودِ، وَسَنُعَبِّرُ لَكُمْ عَنْهُ مِنْ نَفْسِ كَلَامِهِ مَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالجُحُودِ، بِعَوْنِ المَلِكِ المَجِيدِ الفَعَّالِ لِمَا يُرِيدُ.
وَلَوْلَا مَا بَدَأَكُمْ هَذَا المُعَارِضُ بِإِذَاعَةِ ضَلَالَاتِ المَرِيسِيِّ، وَبَثِّهَا فِيكُمْ، مَا اشْتَغَلْنَا بِذِكْرِ كَلَامِهِ؛ مَخَافَةَ أَنْ يَعْلَقَ بَعْضُ كَلَامِهِ بِقُلُوبِ بَعْضِ الجُهَّالِ، فَيُلْقِيهِمْ فِي شَكٍّ مِنْ خَالِقِهِمْ وَفِي ضَلَالٍ، أَوْ أَنْ يَدعُوهُم إِلَى تَأْوِيلِهِ المُحَالِ؛ لِأَنَّ جُلَّ كَلَامِهِ تَنَقُّصٌ، وَوَقِيعَةٌ فِي الرَّبِّ، وَاسْتِخْفَافٌ بِجَلَالِهِ وَسَبٌّ، وَفِي التَّنَازُعِ فِيهِ يُتَخَوَّفُ الكُفْرُ وَيُرْهَبُ.
وَلِذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الله بْنُ المُبَارَكِ - رضي الله عنه -[٢/و]: «لَأَنْ أَحْكِيَ كَلَامَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أحكي كَلَام الجَهْمِية».
(١) حَدثنَا الحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ البَزَّارُ قَالَ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ (١).
(١) أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (٢٣، ٢١٦)، من طريق علي بن الحسن بن شقيق، به، وهذا إسناد صحيح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute