للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(٤٨) وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بْنُ عَامِرٍ، أَنَّ قيسًا الكِنْدِيّ حَدَّث الوَلِيدَ أَن أَبَا سعيد الخَيْر الأَنْمَارِيَّ حدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:

«إِنَّ رَبِّيَ وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الجَنَّةَ [١٣/و] مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا، وَيَشْفَعُ كُلُّ أَلْفٍ لِسَبْعِينَ أَلْفًا، ثُمَّ يُحْثِي لِي ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ بِكَفِّهِ».

قَالَ قَيْسٌ: فَأَخَذْتُ بِتَلبِيبِ أبي سَعِيدٍ فَجَذَبْتُهُ فَقُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: نَعَمْ بِأُذُنِي وَوَعَاهُ قَلْبِي (١).


(١) إسناده صحيح أخرجه الطبراني في الكبير (٢٢/ ٣٠٤)، وفي الشاميين (٢٨٦٣)، وابن أبي عاصم في السنة (٨١٤)، ومن طريقه ابن الأثير في أسد الغابة (٥/ ١٣٧)، وأبو أحمد الحاكم في الكنى كما في الإصابة لابن حجر (١٢/ ٢٩٩)، جميعا من طريق أبي توبة، به.
لكن قال أبو أحمد في روايته قيس بن حجر.
قلت: الظاهر أنها مخالفة؛ فإن قيسًا الكندي قد صُرِّح باسم أبيه هنا ألا وهو الحارث، لكن البخاري رحمه الله ترجم لقيس بن حجرهذا في التاريخ الكبير (٧/ ١٥٣)، وقال: رَوَى عَنه عَبد اللهِ بن عامر، حدَّثنا عَنِ الوليد، أن الأَنمارِيَّ حَدَّثَهُ. قَالَ مُحَمد بْن يَحيى: وهو عنْدي أَبو سَعِيد الخَير، ولعله أن يكون ابْن الحارث».فهذا الإمام محمد بن يحيى الذهلي يشير إلى أنهما واحد، والبخاري ينقل ذلك عنه دون أن يعلق.
قلت: وللحديث طريق آخر عن عبد الله بن عامر وهو ما أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد = ... = والمثاني (٤/ ٢٢٦)، والطبراني (٢٢/ ٣٠٥)، بإسنادين يقوي كل واحد منهما الآخر عن محمد بن الوليد الزبيدي عن عبد الله بن عامر، به.
وثمة مخالفة أخرى: فقد أخرج الحاكم أبو أحمد كما في الإصابة (١٢/ ٢٩٩)، الحديث من طريق مروان بن محمد عن معاوية بن سلام عن جده أبي سلام عن عبد الله بن عامر عن قيس بن حجر يحدث عبد الملك بن مروان قال: حدثني أبو سعيد الأنماري، فذكره. ...

قلت: قد خالف مروان بن محمد أبا توبة في أمرين، الأول: جعله من رواية معاوية عن جده دون أن يذكر أخاه زيد بن سلام. والجواب عن ذلك أن أبا سلام واسمه ممطور الحبشي معدود في شيوخ معاوية فلا مانع أن يرويه عن أخيه عن جده مرة، وأن يرويه عن جده مباشرة مرة، إن كان سمعه منه.
الثاني: أنه جعل المستمع لحديث قيس عن أبي سعيد، عبد الملك بن مروان، خلافا لرواية أبي توبة التي جعلته الوليد بن عبد الملك. والجواب عن ذلك أنني أرجح رواية من جعله الوليد؛ وذلك لأن إسناد أبي أحمد الحاكم إلى مروان بن محمد مجهول لدينا، فلعل أحد الرواة من دون مروان إن لم يكن مروان نفسه قد وهم فقال عبد الملك بن مروان بدل الوليد بن عبد الملك بن مروان.
وقد توقف الحافظ في الإصابة بعد أن صححه عن هذا التصحيح لهذا الاختلاف الذي ذكرته، والله أعلم بالصواب.
هذا وقد وقع عدة تصحيفات في ترجمة أبي سعيد الخير من الإصابة مما جعل الشيخ الألباني رحمه الله يعله بعلل لا وجود لها، إنما نشأت عن تلك التصحيفات، وقد ظهرت طبعة دار هجر لكتاب الإصابة منذ سنوات قليلة وهي أضبط النسخ لهذا الكتاب وكان عليها اعتمادي فيما نقلت.

<<  <   >  >>