فلما تعذر أخذه شرعًا وجب الانتقال إلى قيمته، والثاني: أنه لا يأخذ قيمته، وهو الذي رجع إليه مالك، واستقر عليه قوله اعتمادًا على ما ذكرناه من أنه مستند إلى أصل الملك، وأنهم ولدوا في ضمان الأب بعد ثبوت حرمة الأم، ووجوب قيمتها عليه، وأما الأم فهل له أخذ عينها أم ليس له إلا قيمتها فيه أيضًا قولان، عن مالك أحدهما: أن له أخذ عينها قياسًا على رد عتقها لأنه غير (مالك) في نفس الأمر حقيقة، والثاني: أنه يأخذ قيمتها، وإليه رجع مالك حين نزلت به (وبه أخذ) ابن كنانة، وابن أبي حازم، وابن دينارن وابن الماجشون، والمغيرة، اعتباراً بولدها لما ذكرناه من مراعاة أصل الملك.
وفصل الشيخ أبو الحسن اللخمي فقال: إن كان الأب ممن له قدرة فعليه لمستحقها قيمتها، ويجبر على ذلك من أباه، وإن كان لا قدر له أخذ مستحقها عين الأمة لا قيمتها، وإذا أوجبنا القيمة، فمتي تكون، ثلاثة أقوال:
الأول: أنها تجب يوم الحمل، والثاني: أنها تجب يوم الولادة.
والثالث: أنها تجب يوم الحكم، واختلف في فروع تتعلق بذلك:
الأول: إذا رضي المستحق بأخذ القيمة، وأراد الواطئ تسليمها فهل يجبر الواطئ على دفع القيمة أم لا؟ قولان عندنا: أحدهما: أن الوطء لا يجبر على دفع القيمة وهو قول أشهب، والثاني: أنه يجبر على ذلك، والقول قول المستحق وهو قول ابن القاسم، وفصل الشيخ أبو الحسن اللخمي فقال: إن كان الولد حيًا، وعليه في تسليمها معرة أجبر الأب على دفع القيمة، وإن كان الولد ميتًا أو ممن لا قدر له لم يجبر.
الفرع الثاني: إذا استحقت الأمة في هذه الصورة وهي حامل جري فيها ما تقدم من الأقوال، وإن قلنا: إن المستحق أخذ عين الأمة أخرت