تفصيل، أما غير الماء من المائعات كالسمن، ونحوه هل ينجس جميعًا جامدًا، أو مائعًا، أو لا ينجس إلا موضع النجاسة وما جاورها إن كان جامدًا، فيه قولان في المذهب، والأصل في ذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -سئل عن الفأرة تقع في السمن فقال:(إن كان مائعًا فاطرحه، وإن كان جامدًا فاطرحه وما حوله)، وبمقتضاه قال الجمهور؛ وهو المشهور عند مالك.
وأما الماء فلا يخلو أن يتغير أم لا، فإن تغير نجس، وفي العتبية من رواية أشهب، وابن نافع عن مالك في البئر تقع فيه الهرة فتموت، فإنه ينزح منها مقدار كبر الدابة وصغرها، وقلة الماء وكثرته، وكذلك الفأرة. وفي المجموعة إن ما وقع في البئر من الفرث والدم فإنه ينزعه إلا أن يغلبه، وإن لم ينزع منها شيء، وفرق ابن الماجشون بين أن يقع حيًا أو ميتًا، فإن وقعت ميتة لم يضر ذلك الماء، وإن تغيرت فيه رائحته حتى تغير لونه أو طعمه، ولم يؤمر أهل البئر أن ينزحوا منها شيئًا، وإن وقعت حية، وماتت نزح منها قدر ما يطيبها، وإن لم يتغير، حكى ذلك أبو زيد في الثمانية، وقال أصبغ:(كل) الوجهين يفسد الماء (ويوجب إباحته) وحكى ابن حبيب عن ابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ أن الآبار الصغار كآبار الدور يفسدها ما مات فيها من شاة، أو دابة، أو دجاجة، وإن لم تتغير، ولا تفسد بما وقع فيها ميتة حتى تتغير.