وهذا مذهب مالك -رحمه الله - وقد اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة مذاهب، فاعتبر الشافعي رضا الثلاثة: المحيل والمحال والمحال عليه تغليبًا لحكم المعاوضة، واعتبر مالك رضا المحيل والمحال فق، واعتبر داود رضا المحيل والمحال عليه دون المحال، واعتبر الشافعي ما ذكرناه من أنهما معاوضة صحيحة ومعاملة حقيقية فتفتقر إلى الرضا والإيجاب، ومن أنزل المحال عليه من المحال منزلته من المحيل لم يعتبره رضاه، إذا لا حجة له في دفع الحق الذي عليه لمن قبضه منه مطلقًا كائنًا ما كان، واعتمد داود على قوله -صلي الله عليه وسلم-: (وإذا أحيل أحدكم على مليء فليتبع) والأمر للوجوب، وشرط علماؤنا في صحة الجواز ثلاثة شروط:
الأول: رضا المحيل والمحال كما ذكرناه.
والثاني: حلول الدين (المحال به).
والثالث: اتفاق الدينين نوعًا وقدرًا ووصفاً.
أما الشرط الأول فقد تكلمنا فيه (وأما حلول الدين) فاشترطنا حرزًا من الدين بالدين، فإن لم يكن للمحيل على المحال عليه دين بالدين فإن لم يكن للمحيل علي الحال عليه دين (فأحاله عليه) فأفلس المحال عليه، فهل يرجع المحال أم لا؟ قولان، قال ابن القاسم: يرجع عليه، وقال ابن الماجشون: لا يرجع عليه، وأما اشتراط الاتفاق فبين ليتحقق به المعروف، فإن لم يتفقا خرج إلى باب المعاوضة فيتعلق بهذا الشرط الحوالة في الطعامين، وقد منع من ذلك بعض الفقهاء خارج المذهب مطلقًا، لأنه من