قال أشهب: وإن وجده مع النفي لضعيف، ولو قاله قائل: لم أعبه. قال ابن القاسم: يأخذ بأيسر ذلك وهو الجلد والنفي. قال ابن القاسم: وليس بجلده حد إلا الاجتهاد من الإمام فمقتضى هذه الرواية إثبات الجلد حدًا خامسًا، والآية لا تقتضيه البتة.
فرع: اختلف المذهب في المرأة إذا حاربت. والصحيح أن حدها القطع، أو القتل من غير صلب، لأنها عورة، واختلف في نفيها، فإن قلنا: إن النفي السجن (نفيت)، وإن قلنا: إنه التغريب سقط إلا مع الولي أو الجماعة المأمونة.
تنبيه: إذا رأى الإمام أن يسلم المحارب إلى أولياء مقتوله فعفوا عنه. قال أشهب: ينقض ذلك ويقتل ولا عفو لهم فيه. وقال ابن القاسم: هم حكم قد نفذ فالعفو ماض ولا ينقض عليهم، ولا سبيل إلى قتله، والأول أصح.
قوله:"ويسقط عنه - إن جاء تائبًا قبل القدرة عليه - (حقوق) الله تعالى ويؤخذ بحقوق الآدميين" وهو كما ذكره لقوله تعالى: {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم *}[المائدة: ٣٤]. وفي العتبية عن أشهب: إذا تاب المحارب وقد كان زنى أو سرق، وفي حرابته لم يوضع ذلك عنه، وإنما تسقط عنه حدود الحرابة دون سائر الحدود، وصفة توبة المحارب أن يختلف إلى المسجد ويعرف جيرانه ذلك منه، ويظهر منه (فعل) الخير والندم على ما فات وإن لم يأت السلطان. قال ابن وهب وابن عبد الحكم: توبة المحارب أن يأتي السلطان تائبًا مقبلًا بقلبه إلى الله -عز وجل-. قال ابن الماجشون: إن لم تكن توبته إلا أن يأتي السلطان، ويقول له: جئتك تائبًا لم ينفعه ذلك حتى تعرف توبته قبل مجيئه.