صح عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وأبي هريرة وغيرهم أن رجوعه إلى غير شبهة مقبول درءًا للحد، وسواء كان رجوعه قبل إقامة الحد عليه، أو بعد ذلك. وروى أشهب عن مالك إذا رجع بعد إقامة أكثر الحد لم يقبل رجوعه، والأول أصح، لأن التوبة مقبولة في كل حين وزمان، قال: وكذلك كل حق هو لله تعالى بخلاف ما للناس وهاهنا فروع مختلف فيها وهو: إذا أقر بالزنا، ثم رجع عن ذلك فلم يحد فقذفه رجل بالزنا فهل يحد القاذف اعتبارًا بالرجوع وهو قول أشهب أو لا يحد اعتبارًا بالإقرار، وهو قول ابن القاسم.
قوله:"وأما البينة فشهادة أربعة رجال عدول يشهدون مجتمعين": هذه الشهادة التامة في هذا الباب هي التي اجتمعت فيها الأوصاف التي ذكرها القاضي، فإن جاءوا مفترقين فالمشهور من المذهب أنهم قذفه. وحكي القاضي أبو محمد بن عبد الملك والشافعي أن يحكم بشهادتهم مجتمعين ومفترقين، وفي النوادر عن ابن القاسم: لا ينبغي للإمام أن ينتظر القاذف، ومن شهد معه إذا لم تتم شهادتهم، فإن جهل القاذف فجاء اليوم بشاهد أو بشاهدين، وقال: أتى ببقيتهم بعد ذلك حتى تتم أربعة مفترقين، فإنه تقبل شهادتهم، ويحد الزاني. قال محمد: لو أتى رجل إلى الإمام فقال: أشهد