للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا قذف جماعة بكلمة واحدة، فعليه حد لكل واحد منهم، وقضية الإفك ترد عليهم، ولو كان الأمر كما قاله المخالف لحد -صلى الله عليه وسلم- حدين حد لعائشة وحد لصفوان، فإن اختلفت الأسباب لم تتداخل الحدود، واستوفى جميعها كالزنى والشرب والقذف (إلا أن يكون أحدهما فرعًا عن الآخر كالشرب والقذف) فإن الصحابة لما اختلفوا في تقدير حد الشرب قالوا: نرى أنه إذا شرب سكر، وإذا سكر افترى، فيجلد جلد المفتري. فإن كانت الحدود أجناسًا مختلفة كالزنى وشرب الخمر والقطع استوفى الحدان إلا أن يكون فيها قتل، فإن ما دونه يدخل فيه القذف، فإن قذف حد، ثم قتل، لأن المعرة اللاحقة للمقذوف لا نزول بقتله في حق غيره واختلف في فروع من هذا النمط وهو إذا قذف فحد فلم يكمل الحد حتى قذف ثانية رجلا آخر: هل يبتدئ الحد الثاني أم لا؟ ثلاثة أقوال: الابتداء، والإتمام للأول والثاني، والفرق بين أن يذهب من الحد الثاني اليسير كالأسواط العشرة فما دونها فيتمادى، ويجزئه عنهما، أو الكثير فيبتدئ للثاني حدًا ثانيًا وعلى قول أشهب: إذا ذهب من الحد اليسير، وما يقرب منه استؤنف لها، فكان ما بقي من الحد الأول لهما، ويتم للمقذوف الثاني بقية حده وحده، وإذا لم يبق من حق الأول إلا اليسير كمل الحد الأول وابتدئ للثاني. وعند ابن القاسم متى مضى شيء من الحد للأول (استؤنف حد القذف للثاني الحد لهما، ولا يحتسب بما مضى من الحد الأول) وهذه كلها اختيارات مذهبية. قال ابن القاسم: ومن اجتمع عليه قصاص في بدنه وحدود لله برئ بما هو لله، لأنه أكد إذ لا عفو فيه، وإن سرق وزنى وهو محصن رجم، ولم يقطع، لأن القطع يدخل في القتل.

قوله: "ومن سب النبي -صلى الله عليه وسلم- قتل": وهذا كما ذكره ولا خلاف بين الأمة فيه، لأن ذلك أعم على ارتداده. قال الله العظيم: {فلا وربك لا يؤمنون حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>