ثبت في صحيح مسلم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (باع مدبرًا في الدين). قال النسائي: كان صاحبه محتاجًا وعليه دين، ولم يكن له مال غيره فبلغ ذلك الصبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:(من يشتريه مني). واعتمد مالك أن هذه قضية في عين، وقضاء الأعيان لا يعم، وقد قال تعالى:{أوفوا بالعقود}[المائدة: ١] ولأن عتقه معلق بموت سيده، فكان كأم الولد، ولما كان من ناحية العتق وقد يؤول إليه وجب تكميل تبعيضه كالعتق وأحكامه أحكام العبيد فلذلك كان لسيده انتزاع ماله، وأن يؤاجره ويستخدمه، ويطا الأمة المدبرة وخدمة منافع متملكة كرقبته فتتعلق بها جنايته كما تتعلق بالرقاب، ومسائل هذا الباب كثيرة، وولد المدبرة الحادث بعد عقد التدبير بمنزليتها، وإذا لم يحمله ثلث المريض خرج منه ما حمله الثلث، وقد قال قوم من أهل العلم: أنه يخرج من رأس المال منهم أهل الحديث، وإذا أسلم مدبر النصراني خورج عليه فدفع خراجه، ولم يبع عليه، وانتظر موته، فيعتق من ثلثه أو ما حمل الثلث منه، وإذا قتل أو جرح فقيمته وأرش جرحه لسيده، إذ هو عبد له، ولو جنى المدبر لم يجز إسلام رقبته في الجناية، لأن في ذلك إبطالاً لعتقه، بل تسلم خدمته كما ذكرناه وجنايته بعد حريته متعلقة بذمته ومقاطعته بمال على تعجيل عتقه جائزة لأنه من تبتيل العتق وتنجيزه.
قال القاضي - رحمه الله -: "حمل الأمة من سيدها يوجب لها به حرمة تمنع من بيعها" وهذا الذي ذكره هو بيع أمهات الأولاد، وقد اختلف السلف فيه قديمًا وحديثًا والخلاف فيه بين الصحابة شهير جدًا، والمعتمد عليه من مذاهب الصحابة، وأكثر السلف من الأئمة امتناع بيع أمهات الأولاد، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في مارية لما ولدت منه إبراهيم:(أعتقها وولدها). وفي حديث أبي سعيد الخدري أنهم أصابوا سبايا، فاشتدت عليهم العزبة، فأرادوا الوطء والعزل، ثم قالوا: كيف نعزل ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا فسألوه عن ذلك فقال: ما عليكم ألا تفعلوا ما من نسمة كائنة إلا وهي كائية)،