القيمة هل يلزم الواهب قبله أم لا؟ فيه قولان. والصحيح مراعاة العرف في مكافأة تلك الهبة، لأن العرف كالشاهد، وإذا بنينا على المشهور من لزوم القيمة من الطرفين، وأنه لا مقال فيها لواحد منهما حكم بها على من أباها، فإن امتنع الموهوب من قيمتها وأراد رد عينها فله ذلك ما لم تفت علينها، والفوت مثل الحمل والموت والعتق ونقص البدن، واختلف في زيادة الجسم والسوق هل هي فوت أم لا؟ وفيه قولان عندنا حكاهما القاضي أبو محمد وغيره، ولما ذكرناه من أنها جارية مجرى المعاوضات لم تفتقر إلى حيازة.
قوله:"وإذا اختلف المتواهبان وتداعيا الثواب حكم المدعي (الأشبه) " وهذا كما ذكره تحكيمًا للعادة وشهادة بمقتضى العرف كالفقير يهب للغني وللعالم وللصالح أو السلطان والنظر أو الأمثل إذا دل على ذلك دليل الحال، وعنه في هبة أحد الزوجين للآخر روايتان: إحداهما: أن مقتضاها الثواب، والثاني: أنها راجعة إلى مقتضى العرف وهو الصواب، وجعل القول قول الواهب مع يمينه عند الاحتمال، لأن الأصل ملكه فلا ينتقل عنه إلا بيقين.
قوله:"ويكره للرجل أن يبتاع صدقته" وهذا كما ذكره، والأصل فيه حديث عمر بن الخطاب (أنه حمل على فرس في سبيل الله (فابتاعه) الذي هو عنده فأراد عمر أن يشتريه فذكر ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:(لا تشتره ولو أعطاكه بدرهم، فإن العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه) وإنما ذلك لأنه أخرجه عن ملكه قربة لله وابتغاء وجهه فينبغي أن يدخره ليومه كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الصدقات ليومها) يريد يوم القيامة. قال الشيخ أبو الحسن اللخمي: