وبين وقت الإباحة (والتوسعة) والفرق بينهما ظاهر، والمعلوم أن الإباحة تقتضي استواء لإيقاع الصلاة في جميع أجزاء الوقت، وتقتضي الفضيلة الترجيح لتضاد معقول الإباحة والترجيح، ووقت الفضيلة يقتضي الترجيح، وتعليق الثواب (بالأرجحية)، وفرق بين وقت العذر والرخصة، وبين وقت الإباحة والتوسعة، والفرق بينهما ظاهر لا يكاد يشكل على أحد، ومن المعلوم أن الإباحة تقتضي جواز التأخير من غير عذر اعتمادًا على أصل التوسعة بخلاف العذر، فإن إباحة التأخير متوقفة عليه ومعتبرة به، ومفتقرة إليه، فوقت العذر كوقت إباحة باعتبار التأخير. وينفصل عنه باعتبار وجود السبب ههنا، وانتفائه في وقت الإباحة ثم لفف بعد في أثناء كلامه، وعقده بضمير فيه إشكال، لم يزل الشيوخ يختلفون في مفهومه، وفي الضمير على من يرجع، والصحيح أنه عائد على العذر، واسم "كان" عائد على التأخير. والمعنى: أن العذر مبيح للتأخير، فلولا العذر لكان التأخير حظرًا، ومراده ههنا التخيير لا مع العزم، فهو محظور، لما فيه من الإخلال بالواجب مطلقًا، وهذا بناء على وجوب العزم، وأن تأخير الصلاة على أول الوقت لا يجوز إلا إلى البدل، وهو قول بعضِ البغداديين.
قوله:«وإما ندبًا»: يريد أن يكون التقديم ندبًا، فاسم "كان" ههنا عائد على التقديم الذي يقابل التأخير، وتكلم القاضي -رحمه الله - على ( ... ) الوقت