كاعتقاد المعتزلة والخوارج وغيرهم، ففي المذهب ثلاثة أقوال في صلاة من ائتم بهم، أحدها: الإعادة مطلقًا بناء على تكفيرهم وهذا أحد قولي القاضي والشافعي ومالك فيهم. والثاني: الإعادة في الوقت بناء على نقصهم في الفسق، الثالث: نفي الإعادة مطلقًا، ولعله بناء على كل مصل يصلي لنفسه. قال مالك: ولا يصلي خلف الإمام القدري إلا أن تخاف على نفسك فصل معه. قال ابن القاسم: ورأيت مالكًا إذا قيل له في إعادة صلاة من صلى خلف أهل البدع يقف ولا يجيب عن ذلك وهذا إشارة إلى ما ذكرناه من الخلاف. فأما بالجوارح كشرب الخمر، والزنا، وغير ذلك من أصحاب الكبائر، فقد اختلف المذهب في جواز إمامتهم، والمشهور أنها لا تجوز. ومن صلى وراء صاحب كبيرة منهم أعاد أبدًا إذا علم بذلك منه، والشاذ أنها جائزة، وصلاة من صلى وراءه صحيحة، لأن فسقه غير متعلق بأحكام الصلاة ولو تعلق فسقه بأحكام الصلاة، مثل أن يعلم من حاله أنه يصلي بغير طهارة، فلا خلاف أنه متهاون لا تجوز إمامته، واحتج أهل الظاهر على جواز إمامة الفاسق بعموم قوله -عليه السلام-: (يؤم القوم أقرؤهم) وهذا احتجاج بالعموم في غير مقصوده. واختار الشيخ أبو بكر الأبهري أن فسقه (إن كان) مقطوعًا به أعاد المصلي وراءه أبدًا، وإن كان مظنونًا أعاد في الوقت، وأجاز قول الفاسق بالتأويل كالجميع بشرب النبيذ دون الفاسق غير المتأول.