وسبب الخلاف اختلاف الفقهاء في علة البناء، هل هي حرمة الصلاة، ويمنع من قطعها، أو حرمة الجماعة، فإن قلنا إن البناء جائز لحرمة الجماعة، اختص ذلك بالإمام دون الفذ، وإن قلنا: لحرمة الصلاة تساوي الفذ والإمام والمأموم.
وأما الإمام فيجوز له البناء إن كان قد عقد الركعة فما فوقها. واختلف المذهب في الأفضل، هل البناء، أم القطع، فمذهب ابن القاسم أن القطع أفضل، وقال مالك البناء أفضل، لأن الله سبحانه يقول:{ولا تبطلوا أعمالكم}.
واختلف المذهب في فروع:
الأول: إذا كان الدم كثيرًا لا يرجى انقطاعه كجرح صلى على حاله، وهل ينتقل فرضه إلى الإيماء أم لا؟ فيه تفصيل إن اضطر بجسده جاز له الإيماء، ويسقط عنه الركوع والسجود للضرورة الظاهرة، وإن خاف على ثيابه التلطخ دون جسده هل يسقط عنه فرض الركوع والسجود وينتقل إلى الإيماء أم لا؟ فيه قولان في المذهب، والمشهور أنه لا يسقط ذلك تغليبًا لحق الله على الآدمي.
الفرع الثاني: إذا اختار الخروج لغسل الدم فصفة الخروج أن يخرج ممسكًا لأنفه قاصدًا لأقرب المواضع إليه غير متكلم ولا ماش على نجاسة. فقولنا:((ممسكًا لأنفه)) احترزا من تلويث المسجد. وقولنا:((قاصدًا لأقرب المواضع)) احترازًا من أن يتجاوز موضع الماء إلى ما بعده، فإن جاوزه بطل البناء، ووجب الابتداء عليه. وقولنا:((غير متكلم)) احترازًا من المتكلم في خروجه، لأن حكمه حكم المصلي، والمصلي ممنوع من الكلام، فإن تكلم عامدًا قطع، وإن تكلم ناسيًا ففيه ثلاثة أقوال: