الأول: الدين مرتب عن عوض، والزكاة عن غير عوض فكان ما رتّب عن عوض أولى، وقابله آخرون بأنه إذا تقابل حقان: حق الله، وحق الآدمي، فترجيح حق الله أولى.
الوجه الثاني: أنه لما قدم الدين على الوصية والميراث، وجب تقديمه على الزكاة لاشتراكهما في اللزوم، ومقتضى هذه الأدلة التسوية بين العين وغيرها من الحبوب والمواشي، إلا أن المشهور التفريق بينهما.
واختلف الأشياخ في تعليل الفرق على المشهور، لأن العين خفي، والحبوب والمواشي على خلاف ذلك، فلو أسقط الدين زكاة الحرث والماشية مع ظهور الأمن في ذلك لتطرقت التهمة لأرباب المال أن يظهروا الديون لإسقاط حقوق الزكاة، وقال بعضهم: العمدة في ذلك على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- والخلفاء بعده كانوا (يفتون) المال على الزكاة من غير تنبيه على اعتبار الديون.
واختلف المذهب في مسائل تتعلق بذلك:
المسألة الأولى: اختلفوا في جنس الديون المسقطة للزكاة، والقول الكلي فيه: إن كان ما ثبت في الذمة عن عوض، فهو مسقط للزكاة، فأما ما سواه ففيه تفصيل ونظر، من ذلك دين الزكاة، إذا فرط فيها، وفيها قولان في المذهب، ففي المدونة: إن دين الزكاة مسقط للزكاة، وقيل: لا يسقطها، فمن لحقه بسائر الديون أسقط الزكاة به لاشتراكهما في الوجوب،