وتكرير مجيئه كتعديداته فلذلك جمعها، وثبت وجوبه قولًا وفعلًا وإجماعًا من كافة أهل الإسلام من جحد وجوبها فهو كافر، والمقر بذلك الممتنع من فعله غير كافر، ويجبر على الصوم بأن يتعلق عليه في بيته، ويحال بينه وبين المفطرات، فإن شهر هذا (فأكل) فهل يقتل أو (يعذر). اختلف العلماء فيه، والذي قدمناه في تارك الصلاة جار فيه، والمختار أنه يعذر ولا يقتل، وقد قيل: يقتل كفرًا كتارك الصلاة مقرًا بأصلها، وهو قول أحمد بن حنبل وأصحابه، ورواية ابن حبيب عن مالك وقيل: يقتل حدًا لا كفرًا. هكذا قدمناه تارك الصلاة.
ونص أشياخ المذهب على أن حكم ترك الصيام حكم ترك الصلاة. والأولى بنا أن نتبع مساق القاضي لأن ذلك أهم من التفريع بالتنبيه إلى مقصود الكتاب.
قوله:((أو معه إن أمكن)): قيد بالشرط، لأن المقارنة قد تتعذر غالبًا.
قوله:((فيما عدا (زمن) الحيض والنفاس وأيام الأعياد)): تعرض لذكر موانع الصوم من جهة الزمان والحال، وقسم علماؤنا الصوم على خمسة: واجب، ومحظور، ومكروه، ومندوب، ومباح.
فالواجب على قسمين: واجب بالسبب، وواجب بغير سبب، فالواجب بغير سبب صوم رمضان. والواجب بسبب خمسة أقسام: صيام كفارة قتل النفس، وكفارة الظهار، وكفارة اليمين بالله، وقضاء رمضان، وصيام النذر وهو على قسمين: معين وغير معين.
والمحظور صوم يوم العيدين، والمكروه صوم أيام التشريق، وقد جعله بعض شيوخنا مختلف بين الحظر والكراهية، وكذلك صيام الدهر.