للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ((والنوع الثالث لا يتصور وقوعه إلا عن (اختيار) وقصد)): ومثل هذا النوع بالردة واعتقاد قصد النية. أما اعتقاد قطع النية فلا يكون إلا اختيارًا، لأنه عمد ذلك، ولا يتصور الإكراه على الأعمال القلبية، وكذلك الردة، لأنها عبارة عن اعتقاد الكفر، والأعمال تابعة للاعتقاد، فإن أكره على الكفر فذلك لا يسمى ردة في غالب اصطلاح الفقهاء وإن صدرت منه أعمال الكفار، فلذلك [أ] دخل الردة في قسم الاختيار، لأن الإكراه إنما يتعلق بالظاهر، وحكم الردة لا يثبت إلا باعتقاد الباطن القلبي، والله الموفق.

تكميل: أخذ المتأخرون الكلاف في رفض الوضوء هل يؤثر أم لا؟ والمشهور أنه لا يؤثر، وهل يجري حكم الصوم على ذلك أم لا؟ فيه أيضًا قولان، كما في الوضوء. والصحيح عندنا أن ذلك غير مؤثر لأن أصل الاعتقاد صحيح، ورفض الحاصل بعد حصوله له غير متصور.

قال القاضي -رحمه الله-: ((فأما ما يتعلق على ذلك من الأحكام فأربعة أضرب)).

قلت: قدم القضاء، لأنه أعم الكفارات لاختصاصها وعمومها. وجعل قطع التتابع، وقطع النية أحكامًا متعلقة على فساد الصوم في ذلك، فالكفارة والقضاء ظاهر، وأما قطع التتابع وقطع النية فليسا بحكم عندي بل هما من لوازم الحكم، فإذا أفسد الصائم الصوم بنوع من المفسدات التي نوعها القاضي صرف الشرع عليه حكمان: القضاء والكفارة في محلهما مشروعان للجبر والعقوبة، أو للجبر فقط إن انفرد القضاء، فإذا حكمنا بفساد الصوم، (ولزم) من ذلك انقطاع التتابع، فيقع النظر بعد، هل كان انقطاعه لعذر، أو لغير عذر. وتظهر ثمرة ذلك في جواز البناء أو عدمه كما بينه القاضي بعد. فانقطاع التتابع لازم للحكم بفساد الصوم لا نفس الحكم، وكذلك قطع النية

<<  <  ج: ص:  >  >>