وسبب الخلاف فيه أمران: أحدهما: أن الله سبحانه قرنه به في الآية التي تضمنت ذكر الصوم. الثاني: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يعتكف قط إلا في رمضان، فهل ذلك الاقتران الفعلي مقصود. والثاني هو مورد النظر، والأصح أنه مقصود. واحتج الشافعي بحديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حين قال: لله علي أن أعتكف ليلة فقيل: إن نذره باطل، إذ لا اعتكاف إلا بصوم، والليل ليس محل الصوم، وقيل: يلزمه اعتكاف يوم وليلة لارتباطهما، (ولا) سيستغني بأحدهما عن الآخر وكذلك اختلفوا إذا قال: لله علي أن أعتكف يومًا، فقيل: لا يجوز لفعله -صلى الله عليه وسلم- كان تطوعًا لا منذورًا. وكذلك اختلف أهل العلم إذا قال: لله علي أن أعتكف مطلقًا هل يلزمه فيه التتابع، وهو قول مالك وأبو حنيفة أو لا يلزم، وهو قول الشافعي.
قوله:"مع صوم إما له (أو) لغيره": وهذا فيه تسامح، لأن ظاهر كلامه عموم ذلك في اعتكاف النذر والتطوع، واعتكاف النذر لا يجوز فيه إلا الصوم المراد له، حتى إنه لا يجوز في شيء من أنواع الصيام الواجب كما ذكرناه على نصوص المذهب، وحكى بعض المتأخرين اختلاف المذهب فيمن