من رأى أن أمره بالدعوة كان في أول الإسلام قبل انتشار الإسلام، ومنهم من حمل الفعل على الخصوص، ووجب الدعوة، وبه عمل الخلفاء، وأوصى أبو بكر (معاوية) بن أبي سفيان وغيره بذلك، ومنهم من جمع بين القول والفعل ويرى ذلك على أحوال مختلفة بحسب من يظن به العلم أو لا يظن، ومن قربت داره، أو بعدت، ونحوه.
وأما الأصل الثاني: فمن رآى أن معرفة الله وتوحيده معلوم عقلاً أسقطها، ومن رآى أنه شرعًا أوجبها وهو الصحيح، ولعله -عليه السلام-: إنما بعث في قتل كعب بن الأشرف وأمثاله غيلة بناء منه على ما علم من غالب حاله، أو أوحى إليه في شأنه. وقد روى عن مالك أنه حرم البغتة وأجازه محمد، وإذا قلنا بوجوب الدعوة، فمعناها أن يدعوا إلى نفي الشرك والإقرار بالرسالة. وأحكامها على اختلاف تفاصيلها، فإذا أجابوا إلى أصول التوحيد دعوا بعد ذلك إلى فروع الإسلام، فإن أجابوا امتنع قتالهم.
الأول: من قتل قبل أن يدعى إلى الإسلام، قال قوم من أهل العلم: لا دية على قتاله بناء على أن معرفة الله واجبة عقلاً، وقال قوم: على عاقلته الدية، وليس في المذهب فيه نص. وحكى بعض البغداديين فيه الخلاف