قوله:«والكسوة أقل ما يجزئ فيه الصلاة»: تنبيهًا على مذهب المخالف، لأن الشافعي وأبا حنيفة قالا: يجزئ من ذلك أقل ما ينطبق عليه اسم الكسوة: إزارًا، أو قميصًا أو عمامة. وقال أبو يوسف صاحب أبي حنيفة: لا تجزئ العمامة ولا السراويل.
وسبب الخلاف: هل يطلق المطلق على المقيد أم لا؟ وذلك أن الله سبحانه لم يشترط الوسط في الكسوة. واشترطه في الإطعام، فهل يرد المسكوت عنه إلى المنطوق به أم لا؟ فيه نظر، ولا خلاف في مذهب مالك أنه لا يجزئ في حق المرأة أقل من الدرع، والخمار، والثوب الساتر كاف للرجال.
واختلف المذهب إذا كسا الصغير على قولين، فقيل: يكسى الصغار ما يكسى الكبار قياسًا على الطعام، وقيل: يكسى الصغار ما يسترهم، وإن لم يبلغ كسوتهم إلى كسوة الكفارات.
قوله:«ولا يجوز صرفها إلا في الأحرار المسلمين الفقراء»: وهذا تنبيه أيضًا على مذهب المخالف أما اشتراط الفقير فمتفق عليه، فإن دفعها لغني عالمًا بغناه لم تجزه، وإن ظنه فقيرًا فاجتهد وأعطاه، فهل يجزئه أم لا؟ فيه قولان مبنيان على الخلاف في الاجتهاد هل يرفع الخطأ أم لا؟ ولا خلاف أنها ترد من يده إن كانت قائمة، فإن فاتت فهل يتبع بها أم لا فيه خلاف، والصحيح عندي أنه يتبع بها نظرًا إلى أنه في حال الأخذ غير مستحق لذلك. وأما الإسلام والحرية فاشترطه مالك والشافعي ولم يشترطه أبو