وهكذا نص القاضي أبو الحسن بن القصار وغيره من أئمتنا أن من شرط الذكاة أن تكون في فور واحد، فإن رفع يده قبل الإجهاز، ثم أعادها فإن طال الأمر لم تؤكل بلا خلاف، وإن لم يطل ففي المذهب فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: منع الأكل. قال سحنون وإن رجع مكانه.
والثاني: جواز الأكل بناء على أن ما قرب الشيء هل له حكمه، وهو قول ابن حبيب قال: فإن رجع في فور الذبح قبل أن يذهب جاز.
والثالث: أنه إن رفع مختبرًا أكلت، وإن رفعه ظنًا أنه قد أكمل الذكاة لم تؤكل، وتأوله بعض الشيوخ على سحنون، وفيه قول رابع اختاره الشيخ أبو بكر ابن الشيخ بن عبد الرحمن وهو أنه إن رفع يده مجتهدًا، ثم تبين له أنه أخطأ أكلت إذا عاد في الفور، وإن كان مختبرًا لم تؤكل، وهو عكس ما تأوله بعض الشيوخ على سحنون، وصوب الشيخ أبو الحسن القابسي قول أبي بكر بن عبد الرحمن لأن المختبر غير معذور، والمجتهد معذور بالاجتهاد، وحمل المختبر على المسلم على الشك فصلاته فاسدة، والمجتهد كالمسلم ظانًا أنه قد أكمل صلاته ويسجد. واختلف الفقهاء في مسألتين تتعلقان بما ذكرناه.
المسألة الأولى: إذا تمادى بالذبح حتى انقطع النخاع. وتحصيل المذهب فيه أنه إن فعل ذلك ناسيًا، أو متأولًا، أو جاهلًا، فإنها تؤكل، فإن فعل ذلك عمدًا. فقال ابن الماجشون: لا تؤكل، والمشهور أنه أساء، والذبيحة جائزة، وروي عن مالك أنها تؤكل ما لم يتعمد ذلك، وهو قول