حنبل وإسحاق: ما أعرف أحدًا مرخصًا فيه إذا كان بها، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بقتله، وهذا يدل عندهم على معنى الاصطياد به. وأما غير الكلاب فهو كالكلاب عندنا من سباع الوحش، والطير إذا قبلت التعليم حتى ابن شعبان أجاز صيد النسور إذا قبل التعليم، وبه قال ابن عباس في جميع الجوارح القابلة للتعليم، وشذ قوم منهم: مجاهد، فقصروا الأمر على الكلاب مطلقًا، وأخرج أحمد منها الأسود كما ذكرناه، وهؤلاء عولوا على أن لفظة:«مكلبين» مشتقة من اسم الكلب المخصوص، ولم يجعلوه عامًا في جميع الجوارح، وألحق قوم البزاة بالكلاب، والصحيح اعتبار المعنى، وأن كل ما وجد فيه معنى الكلب من قبول التعليم فهو كالكلب سيان لأن لفظة الكلب مقول بالاشتراك.
قوله:«وتعليمه أن يفقه عن مرسله»: أجمع العلماء على أن التعليم في الجارح كلبًا كان أو غيره لقوله تعالى: {وما علمتم من الجوارح} ولقوله -عليه السلام-: (إذا أرسلت كلبك المعلم).
واختلف المذهب في التعليم المشترط على أربعة أقوال. فقيل: الانزجار والانشلاء والإجابة، وقيل: ترك الأكل، وقيل: إن ترك الأكل مشترط في الكلب دون غيره من الجوارح. وقال ابن حبيب: ليس الانزجار شرطًا في البزاة، والصقور وغير ذلك من سباع الطير، لأنها لا تقبله، وإنما هو مشروط في الكلاب فقط دون سائر الجوارح، وإلى هذا الخلاف أشار القاضي بقوله:«لا من كلب ولا من غيره». والصحيح أن التعليم مشترط، والمقصود منه أن يصرف عن طبعه الأصيلي بالتعليم المكتسب فيصير لمرسلها كالآلة فيمسك له، لا لها.