والتفت كثير من متأخري المالكيين إلى المصلحة، والقياس من المرسل فقسموه بحسب أقسام الشريعة فقالوا: قد يكون واجبًا في حق من يخشى العنت، وندبًا في حق من اضطره أمنه، ويرجى منه النسل، ومباحًا في حق المتعفف الذي لا يرجى له النسل، ومكروهًا في حق من اضطره إلى مكروه، ومحرمًا في حق من اضطره إلى محظور كالاضطرار بالزواج إلى اكتساب السحت وغير ذلك. وقد تقرر في أصول الفقه أن أكثر الفقهاء أنكروا القياس من المرسل: وهو الذي ليس له أصل معنى يسند إليه. وقال القاضي:«للقادر عليه» عام في القادر طبعًا وعادة شرعًا. ونبه بقوله:«من غير إيجاب» على مذهب المخالفين. ومما احتجوا به على وجوبه نهيه -عليه السلام- عن التبتل وردة ذلك عن عثمان بن مظعون وغيره، وذلك يدل على وجوب النكاح، إذ النهي دال على فساد المنهي عنه، وقد اشتهر خلاف العلماء أيهما أفضل: التبتل لعبادة الله سبحانه، أو التكاف.
قوله:«والمنكوحات ضربان حرائر وإماء» وهذا كما ذكره، إذ لا واسطة بينهما، ولا شرط في نكاح الحرة. واختلف العلماء في نكاح الحر للأمة هل هو جائز مطلقًا، أو موقوفًا على الشرطين، كما ذكره القاضي، وفي المذهب فيه قولان، وسئل ابن القاسم عن نكاح الحر للأمة فقال: هو حلال في