كثير من الصحابة ومن بعدهم: أن الأمر كان منها فكيف يتصور أن يكون النائم غير عاقل إلا أن يدعي في ذلك خصوصية الأنبياء ولو كان النوم زوالاً للعقل حقيقة لتعطل إحساس النفس باللذات والآلام. وكل إنسان ينام، ولا يصدق إطلاق القول بأن كل إنسان يزول عقله كل ليلة، وقد أمر الله سبحانه به على الحيوانات وجعله راحة للنفس -وستأتي الأحكام -وذلك يدل على أنه نعمة، ولو كان فيه زوال العقل لكان نقمة، وإنما سماه الله سبحانه وفاة، لأن النفس لا تتعطل عن كثير من أفعاله البائنة، وأما النفس الحية المدركة، فلا يتعطل فيه البتة في يقظة ولا منام. ويتعلق بمعقودها الكلام في انتقاض الوضوء به، وقد قال كثير من السلف: إنه لا مدخل له في نقض الوضوء البتات بدليل أن الصحابة كانوا ينامون حتى تخفق رؤوسهم، ثم يصلون، ولا يتوضأون، وفي الصحيح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم:(اعتم ليلة بصلاة العتمة فبادر عمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم -حتى نام النساء والصبيان)، ولم يأمرهم -عليه السلام -بتجديد الوضوء، وصح عن أبي موسى الأشعري وغيره أنه إذا كان نائمًا يجعل حارسًا، والجمهور على أن له مدخلاً في نقض الوضوء.