العزل ما لم يقض، ولا حد للرسول في الرسالة وإنما ذلك حق للمرسل إليه، والتخيير والتمليك بيده كالزوجة، فليس له عزله كما ليس (ذلك) في زوجته.
قوله:((والتمليك على وجهين: تمليك تفويض، وتمليك تخيير)): وهذا كما ذكره، فتمليك التفويض: هو التمليك المطلق مثل أن يقول لها: قد ملكتك أمرك. وتمليك التخيير هو التحجير، والتحجير فيه هو من حيث إنها لا تملك إلا إيقاع الثلاثة الأحوال، فإذا (أوقعت) الواحدة فقد مضت من تخييره، وهذا هو أصل المذهب.
وإذا قلنا إن مقتضاها الثلاث فطلقت نفسها واحدة، لم يقع على الأشهر. وهل لها أن تبتدئ الخيار أم يكون إيقاعها ما ليس لها قطعًا لخيارها لأنها قد خالفت مقتضى التخيير الأول فبطل، فالاستئناف يفتقر إلى استئناف تخيير.
وقد اختلف مذهب مالك في التخيير والتمليك فقيل هما سواء، والمشهور من المذهب أنهما مختلفان، فله المناكرة في التمليك إذا قضت بالثلاث، وليس ذلك في التخيير بعد الدخول. واختلف الأشياخ في تأويل الفرق بينهما، والصحيح أن الفرق بينهما راجع إلى مقتضى العادة، لا إلى مقتضى اللفظ وهذا إذا لم ينص الزوج على عدد، فإن نص على عدد معين فليس لها خلافه فيهما، فلو قال لها: اختاري طلقة واحدة لم يكن لها سوها. فإن قال لها اختاري طلقتين فهل لها أن توقع إحداهما، فيه قولان: المشهور أنه ليس لها ذلك. ولو قال لها اختاري [من] طلقتين، فليس لها واحدة، لأنها مقتضى حرف التبعيض ولو قال لها اختاري طلقتين فقيل ليس لها إلا إحداهما إلحاقًا له بلفظ التبعيض، وقيل لها أن تقضي بهما، فإن قضت بواحدة لم يلزمه شيء، وهو مذهب الكتاب.