والتصرية: حقن اللبن في الثدي أيامًا ليوهم البائع المشتري أن ذلك الحيوان غزير اللبن. واختلف العلماء في البيع الواقع على صفة الغش كالتصرية ونحوها، فقال بعضهم: إن ذلك يمنع صحة العقد، فإذا وقع البيع على الغش فهو فاسد، وقال أبو حنيفة: ليس التصرية عيبًا، وقال مالك والشافعي والجمهور: التصرية عيب وغش، والبيع معها صحيح، وللمشتري الخيار تمسكًا بمقتضى نص تخييره -صلى الله عليه وسلم- المشتري في حديث المصراة الثابت الصحيح حيث قال:«فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعًا من تمر» فأثبت له الخيار، فدلَّ على أن العقد صحيح، قال أبو حنيفة: حديث المصراة خارج عن الأصول من أوجه:
الأول: إنه معارض لقوله- صلى الله عليه وسلم-: (الخراج بالضمان).
والثاني: إن فيه الطعام بالطعام نسيئة، وهو محرم إجماعًا.
والثالث: إن فيه المزابنة وهي بيع (المعلوم بالمجهول).
والرابع: إن فيه نقض الأصل، لأن الواجب في المتلف، إما المثل وإنما القيمة ولا واحدٍ في هذا المحل.
والخامس: إن فيه بيع الطعام قبل قبضه. إلى غير ذلك من الوجوه التي فارقها بها الأصول، فقدمت عليه، وبه قال أشهب: من أصحابنا، ولا شك في فساد قولهما، لأنه) أصلٌ بنفسه، فلا يتحكم فيه على الشارع.