الصنعة، ويجوز أن يلغي أحدهما لصاحبه ما كان تافهًا، وإن مرض أحدهما أو غاب الأيام اليسيرة لم يكن له الرجوع على صاحبه إلا أن تطول الغيبة، أو المرض، فله أخذ ما استفاد بعمله، وكذلك في شركة المفاوضة والعنان والاشتراك في الحمل على الدواب من باب شركة الأبدان، فإن كانت رقاب الدواب مشتركة فلا خلاف في جواز هذه الشركة، فإن لم يشتركا في رقاب الدواب فالمشهور جواز الشركة لأنها شركة بدن، والشاذ المنع لاختلاف الحمل، ودخول الخطر فيه.
قوله:"وتجوز في الاحتطاب والاصطياد": تنبيه على مذهب أبي حنيفة ولعله إنما منع ذلك لقوة الغرر فيه، وزيادة الخطر.
قوله:"ويجوز أن يكون رأس المال فيها عينًا وعرضًا": يتعلق به الكلام في رأس مال الشركة، قال ابن المنذر: أجمع العلماء على جواز الشركة بالعين إذا كان من نوع واحد، وتحصيل القول في ذلك أن رأس المال إذا كان ذهبًا من أحدهما ودراهم من الآخر فالمشهور أن ذلك لا يجوز، لأنه صرف مستأخر في المعنى، ولأنه بيع وشركة في عقد واحد، والجمع بينهما ممتنع، والشاذ الجواز بناء على التناجز في المعنى.
وإذا بنينا على المشهور فوقعت الشركة على ذلك فسخت ما لم تفت بالعمل، فإن فاتت وجب التراجع، وقسم الربح على مقدار رأس المال، فإن اختلفت (السكة) بالجودة (والرداءة) فهل يجوز أم يكره، لأن ذلك قمار ومخاطرة قولان: الجواز اعتبارًا بالنفاق، والكراهة لما ذكرناه، فإن كان رأس المال طعامًا فلا يخلو أن يكون من نوع واحد أو من نوعين، فإن كان من نوع