فرع: يتعلق بما قدمناه من رهن الغرر، وهو أن يشترط المرتهن منفعة الرهن وهو مما يسرع إليه التغير كالحيوان والثياب ونحوها، فهل يجوز ذلك أم لا؟ قولان كرهه في الكتاب وقال ابن القاسم: وأنا لا أرى به بأسًا كالإجارة، وهذا إجارة وبيع، وأجرى الأشياخ هذا الخلاف على الخلاف في جواز ارتهان الغرر، وقد قدمناه.
المسألة الخامسة: قد ذكرنا أن وثيقة الرهن قد تكون مما يعرف بعينه، ومما لا يعرف بعينه كالدراهم والدنانير والفلوس، وكل ما يكال أو يوزن.
وتحصيل القول فيما لا يعرف بعينه إذا رهن أنه لا يخلو أن يطبع عليها أم لا، فإن طبع عليها فلا خلاف في جواز ارتهانه وإن لم يطبع عليه، فإن كان تحت يد (عدل جاز، وإن كان تحت يد) المرتهن لم يجز للاتهام على أن يتسلفها. قال أشهب: لا أحب ارتهان الدنانير، والدراهم، والفلوس إلا مطبوعة للتهمة على أن يتسلفها، فإن لم يطبع حين الرهن، وعثر على ذلك لم يفسخ البيع، وأجبر على طبعه من أباه، ويجوز رهن الحلي، وإن لم يطبع عليه، لأنه مما يعرف بعينه، ولا يكاد يلتبس غالبًا.
المسألة السادسة: يجوز أن يكون الرهن ملكًا للراهن أو مستعارًا له ليرهنه، وبجواز ذلك قال الشافعي، إذا علم المعير فإن حل أجل الدين وكان مليًا حكم عليه بقضائه، ورجع الرهن من المستعار إلى ربه، فإن كان عديمًا استوفى الدين من ثمن الرهن المستعار، ويقضي السلطان على الراهن ببيع الرهن، وإن كره ذلك ربه، لأنه إنما أعاره لذلك فإن بيع وقضى ثمنه الدين عن الراهن فلربه الرجوع عليه، واختلف المذهب بم يرجع المعير على المستعير، فقال ابن القاسم: يرجع عليه بقيمة المرهون، وقال أشهب إنما يرجع بثمنه (الذي بيع عليه به، واختاره بعض المتأخرين، وإلا كان بيعًا بالقيمة) وهو لا يجوز.