بذلك على خلاف أحمد بن حنبل وغيره القائل إن الرهن إن كان حيوانًا فعلى المرتهن نفقته، وله ركوبه والانتفاع به، معتمدًا في ذلك على قوله -صلى الله عليه وسلم-: (الرهن محلوب ومركوب) والجمهور من أهل العلم على أنه ليس للمرتهن الانتفاع بشيء من الرهن اعتمادًا على قوله -صلى الله عليه وسلم-: (الرهن من رهنه غنمه وعليه غرمه). ولذلك وجبت على الراهن نفقته ومؤنته وسقيه وعلاجه وإن كان عبدًا، فمات فعلى الراهن كفنه ودفنه، فإن أنفق المرتهن على الرهن بأمر الراهن أو بغير أمره فله الرجوع عليه بقدر النفقة، وهل يكون الرهن رهنًا في النفقة أم لا، المنصوص أنه لا يكون رهنًا بالنفقة إلا أن يقول له الراهن أنفق عليه على أن نفقتك في الرهن فحينئذ يكون أحق به من الغرماء، لأن رقبته مرتهنة في الدين، والنفقة لأنها دين، وقال أشهب النفقة على الرهن كالنفقة على الضالة، فالنفقة في هذا مبدأ على غيره من الغرماء، فإن ارتهن زرعًا ببئرها، فانهارت فهل يجبر الراهن على الإصلاح أم لا؟ المشهور أنه لا يجبر، وعن ابن القاسم أنه يجبر إن كان مليًا.
وإذا بنينا على المشهور أنه لا يجبر على الإصلاح فأصلح المرتهن لخوف هلاك الزرع أو النخل فهل تتعلق نفقته بعين النخل، أو الزرع، فما زاد على ذلك باطل ليس فيه شيء، أو يتعلق الزائد بذمة رب النخل فيه قولان.
قوله:"ومال العبد ليس برهن معه": قلت: لا يقتضي عقد الرهن دخول المال كما لا يقتضيه عقد البيع إلا بالشرط، وقد تقدم ما فيه.