ذكره، وقد ذكرنا أن الأصل في ذلك أن النبي -صلي الله عليه وسلم- حجر على معاذ بن جبل، وإنما يجوز الحاكم الحجر علي المديان بالديون الحالة الزائدة على قدر ماله، لا بالديون المؤجلة، وإذا أفلس (الغريم) نفسه، ومكن غرماءه من ماله، فقسموه من غير حكم، فهو كحكم الحاكم بتفليسه، وهذا حكم الحاضر، وأما الغائب فلا يخلو أن يكون قريب الغيبة مثل الأيام فليكتب الإمام في الكشف عن أمره حتى يعلم ملؤه من عدمه، وإن كان بعيد الغيبة وعرف ملؤه فهل يفلس أم لا؟ قولان قال ابن القاسم: لا يفلس اعتباراً بما علم من ملئه وقال أشهب: يفلس وتحل ديونه أخذاً بالاحتياط.
قوله:"ويمنعه التصرف في ماله" قلت: للحجر أربعة أحكام: التصرف في المال بالتفويت، والثاني: حلول دينه، وبيع ماله وقسمته على الغرماء، والثالث: حبسه إلى ثبوت (إعساره)، والرابع: الرجوع إلى (عين) المال.
(أما الأول: منع التصرف) في المال، ولا خلاف أن الحجر يمنع التصرف في المال بالإتلاف، فلا يجوز عتقه ولا هبته ولا بيعه بالمحاباة، لأن ذلك إتلاف لمال الغرماء، والحاكم بتحجيره عليه قد منعه من ذلك فأما بيعه بالقيمة فموقوف على إجازة الغرماء.
واختلف المذهب في عتقه أم ولده هل يمضي، إذا ليس له من رقبتها إلا الوطء أم لا (إجراء لها مجري) الرقيق في انتفاعه بها، فإمضاء ابن القاسم في الكتاب وفي كتاب ابن سحنون، وقيل: مردود قاله المغيرة: وإذا قلنا بمضي العتق على قول ابن القاسم: فهل يتعبها أم لا؟ ففي كتاب