قوله:"والقول قول المودعي في تلفها على الإطلاق" يعني: كان الدفع إليه ببينة أو بغير بينة، متهم أو غير متهم كما بينه في غير هذا الموضع.
تكميل: لما كانت الوديعة استنابة المودع على حفظ المال اشترطنا في المودع ما يشترط في الوكيل، فلذلك يجوز له أن يودع الصبي والسفيه والعبد والمرأة إذا رضي بأمانتهم، ولا ضمان على الصبي والسفيه في ذلك إذا أتلف أو ضيع، لأن رب الوديعة رضي بذلك وسلط عليه وكذلك لا ضمان على العبد في رقبته إلا أن يتعدي فيضمن، ويتعلق (ذلك) بذمته، وفي المذهب قول آخر في العبد يودع، فيتعدي أو يستهلك الوديعة أنها جناية في رقبته كسائر جنايته، والأول (المشهور).:
قوله:"وليس له أن (يودعها) غيره إلا من ضرورة": قلت: (يجب الضمان في الوديعة بأسباب:
الأول: التضييع لها والتفريط في حفظها، ولا خلاف أنه ضامن في هذا المحل، وذلك مثل أن يلقيها في غير مأمون، أو يدل عليها سارقًا، والثاني: أن يودع غيره من غير عذر فهو ضامن، لأن ربها لم يرض إلا بأمانته، فإن فعل، ثم استرجعها لم يضمن بعد ذلك كردهًا إذا تسلف منها، فإن اضطره إلى إيداعها عزمه على السفر جاز له إيداعها لمكن الضرورة، فإن أعطي الوديعة زوجته أو جاريته على جري عادته في ذلك لم يضمن، لأن من عادة الناس والمودع في الحضر يريد السفر، فله أن يودع غيره كما ذكرناه بخلاف المسافر يودع في السفر فليس له أن يودع غيره، لأنه على أمانته قبله لا على أمانة غيره، وكذلك نقل الوديعة من بلد إلى بلد هو في ذلك ضامن لتعديه بالنقل، قال مالك في امرأة ماتت بالإسكندرية فكتب وصيها إلى ورثتها وهم ببلد آخر فلم يأت منهم خبر، فخرج بتركتها إليهم فهلكت في الطريق فهو ضامن، فلو أودع جرار زيت