للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الزاي، وهذه إذا أسندتها إلى ضميرك قلت: ما زُلْت من مكاني أي ما انتقلت، فضممت الزاي، وتقول في مضارع تلك: أزال، وفي مضارع هذه «أزول»، قال الله تعالى: {وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ} [المائدة: ١٣] (١) وقال في الأخرى {وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: ٤٦] (٢) فهما لهذا أصلان مختلفان.

وأعلم أن «ليس» فعل جامد غير متصرف، ولجمودها (٣) ذهب قوم إلى أنها حرف، وإنما جمدت لأن لفظتها لفظ المضي، ومعناها نفي الحال، فلم يتكلف لها بناء آخر، إذ لا فائدة في ذلك، فاستعملت على لفظ واحد، ولأنها خالفت بقية الأفعال في أنها وضعت سالبة للمعنى، والأفعال ليس من أصلها أن توضع لسلب المعنى، إنما توضع لإيجابه، فتنزلت في هذا الحكم منزلة الحرف فجمدت ولم تتصرف.

والدليل على أنها فعل اتصال الضمائر المرفوعات بها كاتصالها ببقية الأفعال، وذلك قولك لستُ ولستَ ولستِ ولَسْنا ولستما ولَسْتُم ولستُن وليسا وليسوا ولَسْنَ فهذا كما تقول: قمتُ وقمتَ وقمتِ وقمنا وقمتما وقمتم وقمتُن وقاما وقاموا وقُمْنَ وكنتُ وكنتَ وكنتِ وكنا وكنتما وكنتم وكنتُن، وبقية التصاريف على هذا.


(١) [المائدة: ١٣]: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا}.
(٢) [إبراهيم: ٤٦]: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ}.
(٣) في اللسان (ليس) قال ابن سيدة: ليس من حروف الاستثناء، وقال الخليل: أصله لا أيس، وقال ابن كيان: ليس، من حروف الجحد، وقال ابن سيدة: كلمة نفي وهي فعل ماض.
وفي مغني اللبيب ١: ٢٩٣، زعم ابن السراج أن ليس حرف بمعنى «ما» وتابعه الفارسي في الحلبيات.

<<  <   >  >>