والجازم يعمل الجزم فقط، كما أن الجار عمله الجر فقط. وأصل الجزم في اللغة القطع؛ فلما كانت هذه الحروف إذا دخلت الفعل قطعت عنه الحركة أو ما جرى مجرى الحركة سميت جوازم، لأن عملها يسمى جزماً؛ والجزم إسكان أو حذف يجري مجرى الإسكان.
وهذه الحروف أضعف الأدوات عملاً، لأن معمولها أصله أن يكون غير معمول. وهي خمسة؛ منها "لم" ومعناها النفي وتختص بأنها تنقل المضارع إلى المضي بعد نفيه، وتقلب معناه إليه، كقولك: لم يقم زيد.
ويدلك على صحة هذا المعنى فيه، وأنه قد قلب المضارع إلى معنى المضي كما تقلب "إن" الشرطية الماضي إلى معنى الاستقبال صحة وقوع الفعل معها في الزمن الماضي كقولك: لم يقم زيد أمس، ولو كان باقياً على معناه من حالٍ أو استقبال لم يصح وقوعه إلا في الزمن الذي صيغ له.
ألا ترى أنك لو قلت: يقوم زيد أمس كان محالاً كما كان محالاً قولك قام زيد غداً؛ ولو قلت: إن قام زيدٌ غداً قام عمرو كان كلاماً حسناً،