للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعضهم (١) في ذلك إلى أنها محمولة فيه على «لعلَّ»، و «لعلَّ» حرف معنى والحروف لا تتصرف، فأجريت عسى مجراها.

وأجود من ذلك أن يقال إنها جمدت لأنها تدل على الاستقبال ولفظها لفظ المضي، فاستغني عن أن يتكلف لها بناء المضارع منها، ولهذه العلة لزم خبرها «أن» فلم يجز تعرية منها في الاختبار وحال السعة.

ولها في الاستعمال وجهان، أحدهما أن يرتفع بها الاسم، ومعناها معنى قارب فتفتقر إلى خبر منصوب، كقولك عسى زيد أن يقوم، ولا يكون خبرها إلا مصدراً مقدراً غير مصرح بلفظه، وذلك المصدر هو «أن» والفعل.

وعلة ذلك أنهم حققوا الخبرها الاستقبال «بأن» لأنها لا تقتضي غير ذلك إذا وقع بعدها المضارع، فلو جاؤوا مكانها بالمصدر الصريح الذي هي في معناه لم يتحقق فيه معنى الاستقبال، لأن زمن المصدر مبهم غير معين، وقد جاء على جهة الشذوذ والندور والتنبيه على الأصل خبرها مصدراً مصرحاً به، وذلك في قولهم في المثل «عسى الغُوَير أبؤسا» (٢) وأبؤس جمع بأس كرأس وأرؤس،


(١) انظر مغنى اللبيب ١: ١٥١.
(٢) الغوير تصغير غار، وهو مكان على الفرات.
أصل هذا المثل فيما يقال من قول الزباء حين قالته لقومها عند رجوع قصير من العراق ومعه الرجال، وبات الغوير على طريقه، أي لعل الشر يأتيكم من قبل الغار. يضرب الرجل يخبر بالشيء فيتهم به. ونصب أبؤسا على معنى الغوير يصير أبؤساً.
مجالس ثعلب ٢: ٣٧٢ الإيضاح العضدي ١: ٧٦ مجمع الأمثال ٢: ١٧، شرح المفصل ٣: ١٢٢، اللسان (غور).

<<  <   >  >>