للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للشخص المعين المعهود، لأن موضوعها في هذا الباب يقتضي ذلك دون غيره، وذلك أنك لما قصدت مدح زيد في قولك: نعم الرجل زيد وأردت المبالغة في مدحه مدحت جنسه كله، وأبهمت ذكره وطويته فيه، ثم اختصصته من بعد ذلك بالذكر وعينته، فكان ذلك أبلغ في مدحه من سياقة المدح إليه في أول وهلة على المألوف في باب الإخبار وهذا مذهب متسع في كلامهم واستعمالهم، وإذا أرادوا اختصاص ممدوح أو مذموم بمدح أو ذم ذكروا جنسه، ثم اختصره بالذكر بعده، ليكون له-بالاختصاص بالذكر وإفراده به-ميزة عليه وتفضيل. قال الله سبحانه {مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} (١) [البقرة: ٩٨] فخص جبريل وميكال بالذكر تفضيلاً لهما، وإن كان قوله: {وَمَلآئِكَتِهِ} قد شملهما، ودخلا فيه، وكذلك قوله سبحانه في الأخرى {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّان} (٢) [الرحمن: ٦٨] في قول من جعلهما من هذا الباب، أعني النخل والرمان، بعد قوله {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ}.

وأما مذهبهم في الإبهام، إذا أرادوا تفخيم الشيء واختصاصه بعد الإبهام بالذكر فمعلوم أيضًا، من ذلك قوله تعالى {إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ} (٣) [النمل: ٩]، ولم يقل إنني أنا الله، ولو قاله لكان المعنى في التفخيم، على صحته، دون المعنى في قوله {إِنَّهُ


(١) ((البقرة ١: ٩٨ {من كان عدوًا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين}.
(٢) ((الرحمن ٥٥: ٦٨.
(٣) ((النمل ٢٧: ٩ {يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم}.

<<  <   >  >>