للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن تقول: ما أقبح عماه وما أشد صممه (١).

والعلة الأخرى أن منها ما أصل فعله أن يكون على أكثر من ثلاثة أحرف؛ وإن كان قد استعمل له صيغة أخرى ثلاثية، كقولك: حَوِلَ وعَوِرَ؛ والأصل في هذا أعور واحول، بدليل تصحيح الواو فيهما؛ وقد تحركت وانفتح ما قبلها، وذلك يوجب قبلها ألفًا، كقولك: خاف والأصل خوف، لكنهم عدلوا عما يوجبه حكم التصريف لفظًا، وصححوا الحرف فدل (٢) التصحيح على أن هذه الصيغة في معنى صيغة تصح الواو فيها، وذلك احول واعور.

ثم حملوا بقية العيوب (٣) على هذا كعَمِيَ وعَشِيَ، مما لم يستعمل منه فعل زائد على الثلاثة كما كان اعور، فقالوا: ما أشد عماه، وما أقبح عشاه، ولم يقولوا: ما أعماه، ولا ما أعشاه، كما لم يقولوا: ما أعوره، ولا ما أحوله، ليكون الباب واحدًا.

فأما قولهم: ما أشد، وإن كان المستعمل من فعله اشتد، وهو أكثر من ثلاثة أحرف، فإن "اشتد" منقول من فعل ثلاثي مقدر، وإن كانوا لا يكادون ينطقون به، فهو كالمنطوق به، يدل عليه قولهم في الصفة: شديد، وفعيل لا يبنى في مطرد الباب إلا من ثلاثي؛ كظريف وفعله ظرف وشريف وفعله شرف، ومثله قولهم: فقير، والفعل المستعمل منه افتقر، وقياسه: فقر فهو فقير، وإن كان لم ينطق به في فاشي اللغة، ففقير يشهد به ويدل على أنه كالمنطوق به، هكذا عللوا، أو قريبًا من هذا التعليل. على أنهم قد حكوا في الجيد من الاستعمال: شد ما أنك ذاهب، وشد فعل ثلاثي.


(١) ((انظر الإنصاف: ١: ١٤٨ وانظر قول الخليل في الكتاب ٢: ٣٥٠.
(٢) ((في (آ) و (ب): ليدل.
(٣) ((في (ج) و (د): بقية الباب.

<<  <   >  >>