للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدار أم عمرو؟ وعلة ذاك-أعني التعليق-أن اللام والهمزة لهما صدر الكلام، وعلمت عامل والعامل له حكم التصدر على معموله، فتدافعا، فأُبطل عمل الفعل في اللفظ فعمل في الموضع.

(ومع ذلك فلم يخرج الفعل في وقوعه في أقوى أماكنه، وهو تصدره على مفعوليه، عن أن يكون عاملاً، لأن عمله في الموضع دون اللفظ لم يخرج به عن أن يكون عاملاً، ولهذا إذا تسلط الفعل، بل العامل على الإطلاق على مبنى لا يظهر العمل في لفظه، حكم بالعمل على موضعه) (١).

فإن دخل الجزء الثاني معنى الاستفهام كنت مخيرًا بين الإعمال والتعليق والإعمال أجود، وأريد بالإعمال ظهوره في المفعول الأول وبالتعليق كفه عنه، كقولك: قد علمت زيدًا أبو من هو، وإن علقت قلت: قد علمت زيد أبو من هو.

فالإعمال لأن الفعل لم يحل بينه وبين مفعوله الأول حائل فيعلقه عن العمل في لفظه، والتعليق لأنك عممت بالاستفهام الموجود لفظه في الجزء الثاني، وهو في الأصل خبر المبتدأ، الجملة بأسرها، فكأنه داخل على المفعول الأول، فعلقت الفعل لذلك، وجعلت المفعولين ابتداء وخبرًا.

والفرق بين المسألتين، أعني التعليق والإعمال، أن الجزء الثاني، وهو قولك أبو من هو، وإن كان مرفوعًا فيهما، إذا علقت، كان مرفوع الموضع بكونه خبرًا للمبتدأ، فإذا أعملت كان منصوب الموضع لكونه مفعولاً ثانيًا.

وربما أوهم رفع الأول في هذا الكلام الإلغاء لا التعليق، وهو تعليق لا إلغاء، لأن الفعل متصدر، لم يتوسط ولم يتأخر، فكيف يلغي متقدمًا، أو أن يتوسط بين المفعولين، فتكون مخيرًا بين إعمال الفعل فيهما كقولك: زيدًا ظننت قائمًا،


(١) ((ما بين قوسين ساقط من (آ) و (ب).

<<  <   >  >>