وإن شئت ذكرت المفعولين مع الفعل، فيكون أتم للفائدة، كقولك: أعطيت زيدًا درهمًا، وكسوت بشرًا ثوبًا.
ولك عكس هذا الوجه وهو أن تذكر الفعل وحده دونهما، فتقول: أعطيت، كل هذه الوجوه جائزة، والفائدة مع ذاك بحسب المذكور في استيفاء الفائدة، وترك الاستيفاء مع أغراض تعرض للمتكلم إذا أخبر.
وعلى ذاك فالكلام تام إذا قلت: أعطيت واقتصرت على الفعل وفاعله، لأن الكلام قد تم باستيفاء الفعل فاعله، وقد أخبرت بأنك قد كان منك إعطاء. وغير خاف أن في ذا أيضًا مع تمامه فائدة، وذكر واحد من المفعولين أكثر فائدة من طي ذكره، وذكرهما معًا أتم.
ولك في هذا الفعل تقديم أحد المفعولين على الآخر، إلا أن يقع لبس، فيلزم الكلام الترتيب الذي يؤمن معه اللبس، تقول: كسوت عمرًا جبة، وإن شئت: كسوت جبة عمرًا، لأن المعنى مفهوم مع التقديم والتأخير.
فإن كان كل واحد من المفعولين يصلح أن يكون آخذًا، وأن يكون مأخوذًا ألزمت الآخذ التقديم لئلا يلتبس بالمأخوذ، كقولك: أعطيت عمرًا زيدًا، ولا يكون في هذه المسألة الآخذ إلا عمرًا، فإن كان زيد الآخذ لم تجز المسألة إلا بتقديمه خشية اللبس، وجرى الأول من الثاني في هذا مجرى الفاعل من المفعول في المعنى.
والفاعل يلزم تقديمه على المفعول متى دخل الكلام بالتقديم والتأخير لبس، كقولك: ضربت الحبلى السكرى، فإن ارتفع اللبس في مثل هذا جاز التقديم والتأخير، كقولك: أكلت الحبلى الحلوى وأسرت النجوى ليلى.
وهذا القسم أعني المتعدي إلى مفعولين، ولك الاقتصار على أحدهما، لا يدخله الإلغاء ولا التعليق كما دخل القسم الأول.
أو أن يكون (١) متعديًا إلى ثلاثة مفعولين، وذلك غاية ما تتعدى إليه
(١) ((في (ج) و (د): القسم الثالث من المتعدي بنفسه، وهو المتعدي إلى ثلاثة.