للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعطوف عليه، إذ كانت الواو، وإن كانت للجمع؛ فهي راجعة في المعنى إلى العطف.

ألا ترى أن معنى الكلام: لا تجمع بين أكل السمك وشرب اللبن، فلما كان ما قبلها فعلاً وليس باسم لم يظهروا "أن" بعدها، ليكون ظاهر اللفظ عطف فعلٍ على فعلٍ وجمعه إليه.

ويسمى الكوفيون (١) هذه الواو واو الصرف لأنها تصرف، في المعنى، الفعل الثاني عن حكم الفعل الأول، إذ كان لم يجامعه في النهي مطلقاً بل جامعه في النهي عن الجمع بينهما فقط.

وعلة لزوم الإضمار بعد "أو" إذا قلت لأهيننه أو يقلع عن هذا الفعل ولأنتظرنه أو يقدم؛ وقول الشاعر:

(وكنت إذا غمزت قناة قومٍ ... كسرت كعوبها أو تستقيما) (٢)

والمعنى إلى أن تستقيم أو إلا أن تستقيم.

هذه العلة المذكورة في الواو من ترك إظهارها معها لأنها حرف عطف كما أن تلك حرف عطف، وحروف العطف في الأصل تعطف الأسماء على الأسماء والأفعال على الأفعال، وبالجملة الشيء على ما هو من جنسه؛ فلا يقع بعدها فعل معطوف على اسم ولا اسمٌ معطوف على


(١) انظر الإنصاف ٢: ٥٥٥.
(٢) الشاهد لزياد الأعجم (٠٠ - ١٠٠/ ٧١٨)، كعوب: ج كعب وهو ما بين كل عقدتين من عقد الرمح، غمزت: لينت. والمعنى: إذا اشتد على جانب قوم رمت تليينهم حتى يستقيموا. وهو في الكتاب ١: ٤٢٨، الإيضاح العضدي ١: ٣١٥. أمالي الشجري ٢: ٣١٩، شرح المفصل ٥: ١١٥، مغني اللبيب ١: ٦٩، شذور الذهب: ٢٦٩. الصحاح، اللسان (غمز). وقد علق عليه الصحاح بقوله: ابن بري ينشده بالرفع لأن القوافي مرفوعة.

<<  <   >  >>