للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويختص المصدر بأنه يجوز حذف الفاعل معه، ولا يجوز ذلك مع الفعل؛ بل يضمر فيه البتة لأنه لابد للفعل من فاعل، ولا يصح ترك إسناد إليه أو إلى ما قام مقامه.

فأما المصدر فحذف الفاعل معه حذفاً، ولم يصح أن يضمر فيه، والعلة في الحكمين واحدة أعني حذف الفاعل معه وامتناع إضماره فيه، وهي أنه اسمٌ على كل حال؛ وليس بفعلٍ ولا صفة جارية على فعل ولا مشبه بذلك، فنبهوا بذلك أي حذف الفاعل على استغنائه عن الفاعل بكونه اسماً صريحاً؛ والأسماء في الأصل مكتفيه بأنفسها، مستغنيةٌ عن غيرها، والأفعال ليست كذلك، ومثال حذف الفاعل معه قوله تعالى {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا} (١) [البلد: ١٤] التقدير، أو إطعام أنتم، فحذف أنتم وهو فاعل المصدر في هذه الآية وكذا الفاعل في قوله:

(بضربٍ بالسيوف رؤوس قومٍ ... أزلنا هامهن عن المقيل) (٢)


(١) المسغبة: المجاعة، المقربة: القرابة. البلد ٩٠: ١٤ {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} ١٥: {يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ}.
(٢) المقيل أراد به الأعناق، وأصله من قال يقيل قيلولة وقيلا ومقيلاً وهو النوم في الظهيرة. قوله بضرب يتعلق بأزلنا: ومحل الاستشهاد فيه قوله "رؤوس قوم" حيث نصب بالمصدر المنكر المنون وفاعل المصدر ضرب محذوف، وإعمال المصدر مضافاً أكثر ومنوناً أقيس.
والشاهد للمرار بن منقذ التميمي (٠٠ - ١٠٠/ ٧٢٠)، وإنما أضاف الهام إلى ضمير جماعة الإناث العائد على الرؤوس لأن إضافة الشيء إلى نفسه إنما تمتنع إذا لم يختلف لفظ المضاف والمضاف إليه.
الكتاب ١: ٦٠، ٩٧، شرح المفصل ٦: ٧١، شرح ابن عقيل ٣: ٩٤، فتح الجليل بشرح شواهد ابن عقيل: ١٥٦.

<<  <   >  >>