(حسبك) يدلك على ذلك. وكما يوقع لفظ الخبر موقع لفظ الأمر في هذا، ونحوه، نحو قوله تعالى:" .... يتربصن بأنفسهن ... "" ... ولا تضار والدة ... "، وما أشبه ذلك: فكذلك قد أوقع لفظ الأمر موقع الخبر، فمن ذلك قولهم في التعجب:
أكرم بزيد. وفي التنزيل "اسمع بهم وأبصر ... " فهذا بمعنى (خبر)، لأنك تحدث عن زيد بأنه قد كرم وبالغ. ولست في ذلك آمر أحدًا بإيقاع فعل عليه، ومن ثم كان على هذا اللفظ في خطاب الواحد، والإثنين في المؤنث والجمع. فالجار مع المجرور على هذا في موضع رفع لكونهما في موضع الفاعل. ونظير قولهم: كفى بالله. وهذا في غير الخبر واسع فلا يعلم غير هذا في الفعل والفاعل. وقد جاء في المبتدأ موضع رفع بالإبتداء. وأنشد أبو زيد.
١٤ - تجانف رضوان عن ضيفه
ألم يأت رضوان عني النذر
بحسبك في الجمع أن يعلموا
بأنك فيهم عني مضر
وقد قال أبو الحسن في قوله تعالى:" ... وجزاء سيئة بمثلها .... " أنه في موضع رفع لكونه خبرًا للمبتدأ ويدلك على ذلك قوله في الأخرى:
"وجزاء سيئة سيئة مثلها ... " وهنا في الخبر مثله في الفاعل لأنَّ الخبر شبيه الفاعل. ألا ترى أنه لا يستقل إلا بالجزاء الذي قبله، كما أنَّ الفاعل كذلك.