سواء في الدعوة، أو الرد، أو النقد، أو الإصلاح، أو المحاورة؛ فإن استعمال الرفق، ولين الخطاب ومجانبة العنف - يتألف النفوس الناشزة، ويدنيها من الرشد، ويرغبها في الإصغاء للحجة.
ويتأكد هذا الأدب في مثل هذه الأحوال العصيبة التي نحتاج فيها إلى تلك المعاني التي تنهض بالأمة، وتشد من أزر الدعوة.
ولقد كان ذلك دأب الأنبياء، قال -تعالى- في خطاب هارون وموسى - عليهما السلام - {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى}{فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[طه: ٤٣-٤٤] .
ولقَّن موسى - عليه السلام - من القول اللين أحسنَ ما يخاطب به جبار يقول لقومه: أنا ربكم الأعلى، فقال -تعالى-: {فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى}{وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى}[النازعات:١٨-١٩] .
قال ابن القيم - رحمه الله -: وتأمل امتثال موسى لما أُمِر به كيف قال لفرعون: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى}{وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى}[النازعات:١٨-١٩] .