للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سادس عشر: ألا يحرص المسلم على إبداء رأيه في كل أمر، وألا يقول كل ما يعلم:

فاللائق بالعاقل أن ينظر في العواقب، وأن يراعي المصالح؛ فلا يحسن به أن يبدي رأيه في كل صغيرة وكبيرة، ولا يلزمه أن يتكلم بكل نازلة؛ لأنه ربما لم يتصور الأمر كما ينبغي، وربما أخطأ التقدير، وجانب الصواب، بل ليس من الحكمة أن يبدي الإنسان رأيه في كل ما يعلم حتى ولو كان متأنياً في حكمه، مصيباً في رأيه؛ فما كل رأي يُجهر به، ولا كل ما يعلم يقال، ولا كل ما يصلح للقول يصلح أن يقال عند كل أحد، أو في كل مكان أو مناسبة.

بل الحكمة تقتضي أن يحتفظ الإنسان بآرائه إلا إذا استدعى المقام ذلك، واقتضته الحكمة والمصلحة، وكان المكان ملائماً، والمخاطبون يعقلون ما يقال.

وإذا رأى أن يبدي ما عنده فليكن بتعقل، وروية، ورصانة، وركانة.

وزِن الكلام إذا نطقت فإنما ... يبدي عيوب ذوي العقول المنطقُ

قال أحد الحكماء: إن لابتداء الكلام فتنةً تروق وجدَّةً تعجب؛ فإذا سكنت القريحة، وعدل التأمل، وصفت النفس- فليعدِ النظر، وليكن فرحُه بإحسانه مساوياً لغمِّه بإساءته. (١)


(١) زهر الآدب للحصري القيرواني ١ / ١٥٤.

<<  <   >  >>