جاء في الثمار للثعالبي ص٦٨ ما يلي: دهاء معاوية - رضي الله عنه - ذلك ما اشتهر أمره، وسار ذكره، وكثرت الروايات والحكايات فيه، ووقع الإجماع على أن الدهاة أربعة: معاوية، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وزياد بن أبيه -رضي الله عنهم- فلما كان معاوية - رضي الله عنه - بحيث هو من الدهاء وبعد الغور-وانضم إليه الدهاة الثلاثة الذين يرون بأول آرائهم أواخر الأمور- فكان لا يقطع أمراً حتى يشهدوه، ولا يستضيء في ظلم الخطوب إلا بمصابيح آرائهم-سلم له أمر الملك، وألقت إليه الدنيا أزمتها، وصار دهاؤه ودهاء أصحابه الثلاثة مثلاً.
ثم إن للشورى فوائد عظيمة منها تقريب القلوب، وتخليص الحق من احتمالات الآراء، واستطلاع أفكار الرجال، ومعرفة مقاديرها؛ فإن الرأي يمثِّل لك عقلَ صاحبه كما تمثل لك المرآةُ صورةَ شخصِه إذا استقبلها.
وقد ذهب الحكماء من الأدباء في تصوير هذا المغزى مذاهب شتى، قال بعضهم:
إذا عنَّ أمرٌ فاستشر فيه صاحباً ... وإن كنت ذا رأي تشير على الصحبِ
فإني رأيت العين تجهل نفسها ... وتدرك ما قد حل في موضع الشهب
وقال آخر:
اقرن برأيك رأي غيرك واستشر ... فالحق لا يخفى على الاثنين