ولا يجيز الشرع أسباب ما ... يورِّط المسلمَ في حظره
فانجُ ودع عنك صداع الهوى ... عساك أن تسلم من شره
(١)
ومما يدخل في ذلك البعد عن مجالس الخنا والزور، ومجالس الجدال بالباطل، ومجالس الوقيعة في عباد الله خصوصاً أهل العلم والفضل خصوصاً في أوقات الفتن التي يكثر فيها القيل والقال؛ فالبعد عن الفتن سبيل للنجاة منها إلا من كان لديه علم يزمُّه، وإيمان يردعه، وكان يأنس من نفسه نفع الناس، وتبصيرهم، وكشف الشبه، وبيانَ الحق؛ فأولى لمثل هذا ألا ينزوي في قعر بيته، ويدع الناس يتخبطون في دياجير الظُّلم.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: " هل الأفضل للسالك: العزلة أو الخلطة؟ ".
فأجاب بقوله: فهذه المسألة ـ وإن كان الناس يتنازعون فيها إما نزاعاً كلياً وإما حالياً - فحقيقة الأمر أن الخلطة تارة تكون واجبة، أو مستحبة، والشخص الواحد قد يكون مأموراً بالمخالطة تارة، وبالانفراد تارة.
وجماع ذلك أن المخالطة إن كان فيها تعاون على البر والتقوى فهي مأمور بها، وإن كان فيها تعاون على الإثم والعدوان فهي منهيٌّ عنها".
إلى أن قال: " فاختيار المخالطة مطلقاً خطأ، واختيار الانفراد مطلقاً خطأ ".