وكان قال قبل ذلك ـ رحمه الله ـ مقرراً هذا الأصل (٣ / ١٨) : والمقصود أن الله سبحانه اقتضت حكمته أنه لا بد أن يمتحن النفوس ويبتليها، فيظهر بالامتحان طيبها من خبيثها، ومن يصلح لموالاته وكراماته ومن لا يصلح، وليمحص النفوس التي تصلح له، ويخلصها بكير الامتحان، كالذهب الذي لا يخلص ولا يصفو من غشه إلا بالامتحان، إذ النفسُ في الأصل جاهلةٌ ظالمةٌ، وقد حصل لها بالجهل والظلم من الخبث ما يحتاج خروجه إلى السبك والتصفية" اهـ.
٣- علينا -أيضاً- أن ندفع هذه السنة بسنة أخرى، وهي سنة العمل للدين، فإن الله تعالى قادرٌ أن ينصر دينه بأيسر الأسباب، ولكن اقتضت حكمته أن لا يتم النصر إلا على أيدي رجالٍ ينذرون أنفسهم لنصرة دينهم بالغالي والنفيس، وبكل ما يقدرون عليه.
ألم تر -أخي الكريم- كيف ترك المهاجرون ديارهم وأموالهم، بل أخرجوا منها رغماً عنهم، وقبلوا بذلك، وما أرخصه إذا كان الثمن رضوان الله والجنة، فأعقبهم الله تعالى- بعد سنوات من الدعوة والجهاد- بأن عادوا إليها فاتحين، وقبل ذلك وبعده أن الله تعالى رضي عنهم، وعن إخوانهم من الأنصار.