أما الذي أدرك أولها فهو العلامة ابن الأثير ـ في كتابه "الكامل" ١٠ / ٣٩٩ -حيث يقول -في أحداث سنة ٦١٧هـ: "لقد بقيت عدة سنين معرضاً عن ذكر هذه الحادثة استعظاماً لها، كارهاً لذكرها، فأنا أقدم رجلاً وأؤخر أخرى، فمن الذي يسهل عليه نعي الإسلام والمسلمين؟ ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟ فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسياً منسياً، إلا أني حثني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها، وأنا متوقف، ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعاً، فنقول: هذا الفصل يتضمن ذكر الحادثة العظمى، والمصيبة الكبرى، التي عقمت الأيام عن مثلها، عمت الخلائق وخصت المسلمين، فلو قال قائل: إن العالم مذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم وإلى الآن، لم يبتلوا بمثلها، لكان صادقاً، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها.